وهي تضم بين جناحيها الكذب وإخلاف الوعد , ومن المداهنة أن تثني على الرجل في وجهه بما ليس فيه من غير إكراه فإذا انصرفت عنه أطلقت لسانك في ذمه بغير حق, ومن المداهنة أن يدخل الرجل على من يضطره الحال إلى الثناء عليه مع استغنائه عن الدخول عليه ثم يبدأ بالثناء عليه بما ليس فيه واطرائه أما المضطر فهو في سعة أن يطريه بمقدار ما يخلص من بأسه.
19 - من المداهنة معاشرة الفاسق ومخاللته مع الرضى بما هو عليه من المعاصي وعدم الإنكار عليه.
20 - السكوت عن المنكر بموجب شرعي مداراة والسكوت عنه بموجب الهوى مداهنة.
21 - المداراة هي درء الشر المفسد بالقول اللين وترك الغلظة أو الإعراض عنه إذا خيف شره أو حصل منه أكبر مما هو ملابس، أما المداهنة فهي ترك ما يجب لله من الغيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتغافل عن ذلك لغرض دنيوي وهوى نفساني فالاستئناس والمعاشرة مع وجود ذات المنكر لا أثره دون الإنكار هي المداهنة.
22 - ليست من التقية من يفعل المحرم تودداً إلى الفساق أو حياءً منهم وإن قال خلاف الحقيقة كان كاذباً آثماً وكذا من أثنى على الظالمين أو أعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم وحسن طريقتهم لتحصيل المصلحة منهم دون أن يكون عليه خطر منهم لو سكت.
23 - الفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً وهي مباحة وربما استحبت , والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا.
24 - من المداراة الإحسان إلى من يكره الإنسان وذلك لا يُعد نفاقاً بشرط أن لا يمدحه ولا يثني عليه بما ليس فيه، ولين الكلام وخفض الجناح وبذل المعروف من مكارم الأخلاق وهو من حسن العشرة لاسيما إذا كان مع من يكره.
وعموماً أخي المسلم خالط الناس بأعمالك وزايلهم بالقلوب وليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بداً حتى يجعل الله له منه فرجاً, وقال بعضهم خالص المؤمن مخالصة، وخالق الفاجر مخالقة، فإن الفاجر يرضى بالخلق الحسن في الظاهر.
واعلم أخي أن المداري يبذل الدنيا ليصون دينه وعرضه، والمداهن يبذل دينه ليحصل لعاعة من الدنيا، فالمداراة خلق المؤمن والمداهنة خلق المنافق. وقد قال تعالى): ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم {فصلت: 34}. وقال ابن عباس في معنى قوله (وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي الفحش والأذى بالسلام والمداراة.
كيفية التعامل مع من يُعاديك ويُبغضك:
ينبغي التعامل مع من تعرف منه العداوة والبغضاء والحسد بالمجاملة وعدم الخشونة وإن أمكنك الوصول إلى أعلى الدرجات وهي قوله تعالى (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فهو المطلوب.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس) متفق عليه.