أخًا له بمكَّة مشركًا؛ رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط وفي رواية ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحماً وفي رواية فإذا افتتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً أو قال ذمة وصهراً رواه مسلم قال العلماء الرحم التي لهم كون هاجر أم إسماعيل صلى الله عليه وسلم منهم والصهر كون مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية «وأنذر عشيرتك الأقربين» دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فاجتمعوا فعم وخص وقال "يا بني عبد شمس يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها" رواه مسلم , والبلال الماء ومعنى الحديث سأصلها شبه قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة, والشاهد قوله عليه الصلاة والسلام لعشيرته الكفار (غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها) , والنبي عليه الصلاة والسلام وصل أقاربه الكفار، وصل عمه أبا طالب، وكان يأتيه ويدعوه إلى الإسلام، وغير ذلك، وإذا تقرر جواز صلة الرحم الكافرة فجواز صلة الرحم الفاجرة الفاسقة التي لا تزال مسلمة من باب أولى , ولتعلم أن الصلة بالمعنى العام يدخل فيها الأرحام الكفار والفساق وإن كانت صلتهم عموماً تكون دون صلة الأرحام المسلمين الصالحين , والذي ينبغي من جهة الكمال والاستحباب أن تكون صلة الرحم الكافرة -غير الوالدين -من أجل التأليف على الإسلام أو مراعاة وجود من تحت ولايته من الأبناء المسلمين كما قال ابن حجر: "إن صلةَ الرحم الكافر ينبغي تقييدها بما إذا آنس منه رجوعاً عن الكفر، أو رجا أن يخرج من صلبه مسلم كما في الصورة التي استدلّ بها وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لقريش بالخصب وعلّل بنحو ذلك، فيحتاج من يترخّص في صلة رحمه الكافر أن يقصد إلى شيء من ذلك" انتهى.
الراجح كما بيَنا أن الكفار والعصاة أهل الكبائر المجاهرين صلة رحمهم غير واجبة وإنما هي مستحبة إلا أنه يفرق بين الوالد وغيره , فالوالد تُطلب صلته وصحبته بالمعروف وجوباً, وقد ذهب إلى هذا فقهاء المذاهب الأربعة وخالف بعض أهل العلم فسوى بين المسلم والكافر في الصلة، ولكن الراجح مذهب الجمهور, وذلك أن القرابات مختلفة فمنها من لا يقطع صلتها الكفر كالوالدين ومنها من يقطعها الكفر كالعشيرة وأبناء العم والإخوة فهي درجات متفاوتة وإن كانت صلة هؤلاء مستحبة , وعلى هذا فصلة الرحم الفاسقة والكافرة مستحبة باستثناء الوالدين فهي واجبة.
أهل العلم اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من يُغلَب جانب بغض الأرحام الكفار في الله أو على الأقل عدم مودتهم فيرى وجوب هجر الأرحام الكفار هجراً جميلاًً إذا آنس المسلم من نفسه ميلاً لهم ومحبة ويرى وجوب قطع أسباب هذه المودة ولو أدى إلى عدم قبول هداياهم وعدم زيارتهم ومقاطعتهم ونحو ذلك , وهذا باستثناء الوالدين والزوجة الكتابية.
وهناك من أهل العلم من يُغلب جانب صلة الأرحام ولو أدى إلى محبتهم بمقتضى الطبع , إلا أن أهل العلم اتفقوا جميعاً على أن كل بر وصلة بالمعروف ظاهرها الرحمة ولا تستلزم مودتهم فهي مشروعة , وليفعل المسلم ما هو أصلح لقلبه.