رسول الله صلى الله عليه وسلم (لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة) متفق عليه.
وعن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم (تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم) متفق عليه. وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور وقال الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة) رواه الترمذي وقال حديث حسن. وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه الطويل المشتمل على جمل كثيرة من قواعد الإسلام وآدابه قال فيه دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة يعني في أول النبوة فقلت له ما أنت قال نبي فقلت وما نبي قال أرسلني الله تعالى فقلت بأي شيء أرسلك قال أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يُشرك به شيء وذكر تمام الحديث والله أعلم.
وأما أدلة تحريم القطيعة كثيرة ومنها ما يلي:
قال تعالى «والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار» «.
وعن أبي محمد جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يدخل الجنة قاطع) قال سفيان في روايته يعني قاطع رحم متفق عليه.
وقال تعالى «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم»
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذلك) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرءوا إن شئتم «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم») متفق عليه وفي رواية للبخاري.
وقال الله تعالى من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته.
وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) متفق عليه.
وهنا تنبيه وهو أن الرحم المأمور بصلتها، والمتوعد على قطعها هي التي شُرع لها ذلك وهي الرحم الموافقة في الدين، فأما من أُمر بقطعه من أجل الدين أو رُخََص في هجره فيُستثنى من ذلك،
ولا يلحق بالوعيد من قطعه، لكن لو وُصلوا بما يُباح من أمر الدنيا لكان فضلاً.
وعلى هذا فصلة الأرحام يُشرع لها أن تستمر إذا كانت الرحم صالحة مستقيمة أو مستورة أما إذا كانت الرحم كافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير وبذل الجهد في ذلك فإن أعيته الحيلة في هدايتهم كأن يرى منهم إعراضاً أو عناداً أو استكباراً فله أن يهجرهم رخصةً إذا كان لغير فسقهم , وإن كان لفسقهم فهو من شُعب الإيمان , وأما إن خاف على نفسه أن يتردى معهم ويهو في حضيضهم فلينأ عنهم وجوباً وليهجرهم الهجر الجميل الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه، ثم إن صادف منهم غرة أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة فليتقدم وليعد الكرة بعد الكرة.