وإذا ما تابعنا هذا الوضع في خطوات أخرى، نراه في المجال السياسي يتحول إلى مشكلات سياسية لابد أن تواجهها الحكومات الإسلامية؛ وفي المجال الاقتصادي يتحول إلى قضية نظرية تحاول نخبة مثقفة معالجتها على أسس علم اقتصاد، وضعت على تجارب وخبرات العالم الذي أنجب (آدم سميث) و (كارل ماركس)، وهكذا تبتدئ قصتنا في صورتها الجديدة.

فالإنسان الذي استسلم للتقليد في العادات والأذواق، وبصورة عامة في تقليد ما يكتظ به عالم أشياء شيّده غيره، يصبح في المجال النظري مقلداً للأفكار التي صاغتها تجارب وخبرات غيره. فإذا ما عدنا لموقف نخبتنا المثقفة في المجال الاقتصادي، نرى هذه النخبة تقف مجرد موقف اختيار بين ليبرالية (آدم سميث) ومادية (ماركس)، كأنما ليس للمشكلات الاقتصادية سوى الحلول التي يقدمها هذا أو ذاك، دون وقوف وعبرة عند أسباب الفشل، أو نصف النجاح لخطط التنمية التي طبقت على أساس الليبرالية أو المادية، في العالم الثالث ما عدا الصين، بعد الحرب العالمية الثانية.

بينما نرى تجربة مثل التي أجريت في إندونيسيا قد تضمنت كل شروط النجاح، سواء من ناحية الإمكانيات المادية في أغنى بلاد الله من حيث الثروة الطبيعية والبشرية، أو من الناحية الفنية لأن واضع خطتها الدكتور (شاخت)، الرجل الذي نهض باقتصاد ألمانيا قبيل الحرب العالمية الثانية من نقطة الصفر تقريباً، ومع ذلك نراها فشلت فشلاً ذريعاً.

ولو وقفنا على الأقل متأملين أسباب هذا الفشل لاستفدنا منه درساً اقتصادياً، لا تقدمه لنا الدرسة الليبرالية ولا المدرسة المادية، ولأدركنا أولاً أن المخططات الاقتصادية تتضمن شروطاً ضمنية أو شرطاً ضمنياً على الأقل ليس من اختصاص واضعيها الالتفات إليه، فالدكتور (شاخت) كان بلا جدال، أجدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015