فمن المستحيل إذن أن يكون الله سبحانه قاهراً فوق عباده بالنسبة لمخالفة بعض القوانين ويكون غفورا رحيما بالنسبة للبعض الآخر.
فالآن أوجه خطابي إلى الذين يتعاطون الخمر ويقولون إن الله غفور رحيم. فأقول لهم تفضلوا واصعدوا فوق الجبل يا إخواني وألقوا بأنفسكم مع يقينكم بأن الله غفور رحيم وهو يغفر مخالفة قوانينه. إذن توكلوا على الله لتروا ماذا تكون النتيجة. فهل تعتقدون أن الله سيغفر لكم مخالفة قانون الجاذبية الأرضية فلا يعاقبكم على هذه المخالفة ولن يحكم عليكم بالإعدام.. الجواب قطعاً بالنفي.
وهلم يا صاحبي هلم لتتجرع شيئا من السم وأنت يقين من نفسك بأن الله غفور رحيم. جرب مغفرته ورحمته على مخالفة هذا القانون الطبيعي. إن كان الله غفوراً رحيماً بمفهومك أنت فسيغفر لك هذه المخالفة ولن يعاقبك ولن يضرك السم بشيء. وطبعاً هذا ضد طبيعة الأشياء ومنطقها أي ضد قوانين الله.
إنك لا تجترئ على اقتراف هذه المخالفات، إنك لا تلقي بنفسك من فوق الجبل ولا تشرب السم _ لماذا؟
ألست على يقين من نفسك أن الله سيعاقبك على هذه المخالفة وستنال عقابه في صورة الألم أو الموت. إذن فعلى أي أساس بنيت تصورك بأنه لن يعاقبك عندما تخالف قوانينه الخلقية؟
على أي أساس تعتقد أن الله قاهر فوق عباده بالنسبة لمخالفة القوانين الطبيعية بينما هو يكون غفوراً رحيماً في حالة مخالفة القوانين الخلقية؟ أية قاعدة، أية حكمة تدل على ذلك وتجرك إلى هذه الجرأة على مخالفة أوامر الله سبحانه وقوانينه.
إذن لتفهم أيها المجترئ، أيها المخمور! ما معنى " غفور رحيم " على وجهها الصحيح وما هو محل تطبيق هذه الصفات. فقد قال سبحانه:
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} .
{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .