يصلي فجلس إلى جانبه الأيمن، فعلم بزيع أن له إليه حاجة، فأوجز وسلم، وأقبل بوجهه عليه فقال له الرجل: ما جئتك حتى أجهدني الضر، وأجهد عيالي، ولم آتك إلا ملتمسا لبركة دعائك، وإني لواثق بالله عز وجل في رزقي، متوكل عليه، لكني أريد أن تدعوا الله لي في تعجيله وتيسيره.
فقال بزيع: اللهم عجل فرجه، والطف له من سعة فضلك.
ثم رجع إلى صلاته، فما كان إلا نحو ساعتين، وذلك الرجل قاعد على يمين بزيع، ولم يبرح، حتى أقبل رجل له جدة وثروة، فجلس إلى جانب بزيع الأيسر، فعلم بزيع أن له إليه حاجة، فأوجز وسلم وأقبل عليه فقال له الرجل: إن عندي مائة دينار من وجه طيب، أمرني صاحبها أن أدفعها إلى مستحق، فأنا مهموم بها منذ مدة كذا وكذا، فلما أردت دفعها إلى إنسان، عارضني فيه شك في أن يكون مستحقا أم لا، فإني في ساعتي هذه لنائم إذ أتاني آت في منامي فقال لي: «امض بالدنانير التي عندك إلى بزيع فانفذ فيها أمره» وهي هذه قد أتيتك بها.
ثم أخرجها من كمه في صرة.
فقال له بزيع: ادفعها إلى هذا الرجل.
والرجل لم يكن زال بعد من موضعه، فدفعها إليه، ونهضا جميعا.
ومضى كل واحد منهما إلى منزله، وقام بزيع إلى صلاته، فأقبل عليها كما كان قبل ذلك.