أحدثه بما هو أملح من هذا، وما قد حدثت بها جماعة من أصحاب الحديث وكتب عني: رأيت فيما يرى النائم سنة أربع وستين وثلاثمائة، كأني صعدت إلى علية فوجدت فيها أبا عبد الله بن الشيخ أبي بكر النابلسي رحمه الله، فقلت له: «إني أحب الوصول إلى الشيخ والاجتماع به» .
فكان يقول لي: «هو ذا خارج إليك» .
قال: فكنت ألتفت فأرى الشيخ أبا بكر خارجا من باب العلية، وهو يخطر بمكة فأسأله عن المحنة الدائرة عليه مع سعد، فقلت: «ما فعل الله بك؟» .
فتبسم إلي وأنشأ يقول:
حباني مالكي بدوام عز ... وواعدني بقرب الانتصار
وقربني وقال لي فانظر ... وطب نفسا بعز في جواري
وكان أبو عبد الله بن حمدون من أحسن الناس صوتا بالقرآن.
قال لي أبو الوليد: حدثني أبو عبد الله الحسين الإبريسمي أن ابن الخياط، وأبا بكر النعالي كثيرا ما كانا يأتيانه فيسألانه أن يقرأ لهما، وربما أتى الرجل من بغداد إلى الفسطاط لا حاجة له فيه إلا سماع أبي عبد الله بن حمدون.
وكثيرا ما كان يقرب محمله من محملي في الحجاز، فكان يقرأ في الليل فيبكي الناس وينزلون من محاملهم حوالي محمله الرجال والنساء، فإذا أحسن بذلك سكت.