فلما ميزهم هذا التمييز صاح بهم: عجوا بنا إلى الله.
فعجوا عجة واحدة، وبكى الشيخ واشتد بكاء المسلمين وصراخهم.
ثم قال: عجوا أخرى ولا تشغلوا قلوبكم بغير الله.
فعجوا عجة أعظم من الأولى وكثر بكاؤهم.
ثم عج الثالثة وعج الناس معه.
قال: ثم قال: تشرفوا من الحصن فإني أرجو الله أن يكون قد فرج عنا.
قال ابن الداية: فحلف لي الحسن بن محمد فقال: والله لقد أشرفت مع جماعة، فرأينا الروم قد فوضوا، وركبوا مراكبهم، ولججوا في البحر، وفتحنا الحصن، فوجدنا قوما من بقاياهم، فسألناهم عن خبرهم فقالوا: كان الراهب المجبوب عميد الجيش بأفضل سلامة اليوم، حتى سمع ضجتكم بالمدينة، فوضع يديه على قلبه وصاح: «قلبي، قلبي» .
ثم طفي فانصرف من كان معه من الجيوش إلى بلاد الروم.
قال الحسن: وجدنا في الأبنية من محلتهم من القمح والشعير ما وسع أهل المدينة وعاد إليها معه خصبها، وكفى الله جماعتهم بأس الروم من غير قتال، والحمد لله.
قال أبو الوليد: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب المصري إجازة، قال: ثنا سالم