بمدينة عكا بغلبة الروم عليهم، ولا يشكون في القتل والأسر، فكان الناس يموجون في المدينة يمشي بعضهم إلى بعض، يبكون ويصرخون، ويتودع بعضهم من بعض، فإني لماش في بعض أزقتها في ذلك اليوم، وأنا حزين باك، إذ مررت بطاق خارج من دار ويسمون الجناح المعلق من الغرفة الطاق فسمعت فيه صبية تنادي صبية أخرى، - جارة لها في طاق يقابل الطاق الذي هي فيه، فقالت لها: يا أخية هل هيأتم أسبابكم وتأهبتم لما قد نزل بنا؟ فقالت لها: يا أختي وما الذي نزل بنا؟ قالت: الذي نحن فيه من إحاطة الروم بمدينتنا، وتغلبهم على أرباضها وكانوا قد دخلوها فقتلوا وأسروا.

فقالت لها: يا أختي، فأين الله؟ قال الرجل: فوالله لقد سري عني ما كنت فيه من المخافة والجزع لما سمعت قولها: «فأين الله؟» ورجوت النصر، فلما أصبحنا من الغد، وأشرفنا على سور المدينة على محلة الروم، رأيناها خالية وإذا الأرض منهم بلاقع، وإذا هم قد رفعوا محلتهم في تلك الليلة، ودخلوا مراكبهم وولوا في البحر، كأنهم قد هزموا، والحمد لله رب العالمين.

وسلم الله المدينة ومن فيها من المسلمين والمسلمات، فله الحمد كثيرا كما هو أهله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015