واختلف الرشيد وأم جعفر في الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب فحضر أبو يوسف القاضي فسأله الرشيد عن ذلك فقال: يا أمير المؤمنين لا يقضى على غائب فأحضرهما فأكل حتى اكتفى، فقال له الرشيد: احكم. قال: قد اصطلح الخصمان يا أمير المؤمنين. فضحك الرشيد وأمر له بألف دينار، فبلغ ذلك زبيدة فأمرت له بألف دينار إلا دينارا.

وسمع الحسن البصري رجلا يعيب الفالوذج فقال:

لباب البر بلعاب النحل بخالص السمن ما أظن عاقلا يعيبه. وقال الأصمعي: أول من صنع الفالوذج عبد الله بن جدعان. وأتي أعرابي بفالوذج فأكل منه لقمة فقيل له: هل تعرف هذا؟ فقال: هذا وحياتك الصراط المستقيم.

وكان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحم. وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم. وكان صلى الله عليه وسلم يقول: هو سيد الطعام في الدنيا والآخرة وهو يزيد في السمع ولو سألت ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل. وكان صلى الله عليه وسلم يحب الدّبّاء «1» ويقول: يا عائشة إذا طبختي قدرا فأكثروا فيها من الدباء فأنها تشد القلب الحزين وهي شجرة أخي يونس.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: عليكم بالقرع فإنه يشد الفؤاد ويزيد في الدماغ، وعليكم بالعدس فإنه يرق القلب ويغزر الدمعة.

وعن أبي رافع قال: كان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: أكل التمر أمان من القولنج وشرب العسل على الريق أمان من الفالج، وأكل السفرجل يحسن الولد وأكل الرمان يصلح الكبد والزبيب يشد العصب ويذهب بالنصب والوصب «2» والكرفس يقوي المعدة ويطيب النكهة، وأطيب اللحم الكتف. وكان يديم أكل الهريسة»

وكان يأكل على سماط معاوية ويصلي خلف علي ويجلس وحده. فسئل عن ذلك فقال: طعام معاوية أدسم، والصلاة خلف علي أفضل، وهو أعلم والجلوس وحدي لي أسلم. وسميت المتوكلية بالمتوكل والمأمونية بالمأمون «4» .

وقال الحسن بن سهل يوما على مائدة المأمون: الأرز يزيد في العمر فسأله المأمون عن ذلك فقال: يا أمير المؤمنين أن طب الهند صحيح وهم يقولون أن الأرز يري منامات حسنة، ومن رأى مناما حسنا كان في نهارين.

فاستحسن قوله ووصله.

وقال أبو صفوان: الأرز الأبيض بالسمن والسكر «5» ليس من طعام أهل الدنيا. وقيل لأبي الحارث: ما تقول في الفالوذجة؟ قال: وددت لو أنها وملك الموت اعتلجا في صدري، والله لو أن موسى لقي فرعون بالفالوذجة لآمن ولكنه لقيه بعصا. وكانت العرب لا تعرف الألوان إنما كان طعامهم اللحم بطبخ بالماء والملح، حتى كان زمن معاوية رضي الله تعالى عنه فاتّخذ الألوان.

ويقال للمرقة المسخنة، بنت نارين وكان بعض المترفهين يقول: جنبوا مائدتي بنت نارين. وقالوا: كل طعام أعيد عليه التسخين مرتين فهو فاسد «6» . وقيل إذا ألقي اللحم في العسل ثم أخرج بعد شهر طريا فإنه لا يتغير «7» .

ويقال للسكباج سيد المرق وشيخ الأطعمة وزين الموائد. ويقال إذا طبخت اللحم بالخل فقد ألقيت عن معدتك ثلث المؤنة، ويقال للخبز ابن حبة. قال بعضهم:

في حبّة القلب مني ... زرعت حبّ ابن حبه

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما رفعه: «أكرموا الخبز» قالوا: وما كرامته يا رسول الله؟ قال لا ينتظر به الأدام إذا وجدتم الخبز فكلوه حتى تؤتوا بغيره. وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015