والموقف من مقاطعة المسلمين المعروفة في شعب أبي طالب، وفشل هذه المقاطعة يرجع بها (وات) - كذلك- إلى الاقتصاد والمصالح الاقتصادية، فيقول: «لا مغزى لغياب المشتركين الآخرين في حلف الفضول (عن التوقيع على وثيقة المقاطعة) ما عدا غياب عبد شمس، ولكن كل شيء يحمل على الاعتقاد بأنّ هذه القبيلة كانت تسعى لعقد صلات متينة مع مخزوم لخدمة مصالحها المشتركة، فكان لا بد من أن يوجه ذلك سياستها أكثر من المحالفات القديمة، وإذا جاز لنا تقديم ملاحظة حول الدوافع التي أدت إلى توقف المقاطعة؛ فإنّنا نقول: إنهم أدركوا بمرور الزمن أن التحالف الكبير والمقاطعة يقوّيان مركز القبائل القوية التي كانت تحاول القيام بمراقبة التجارة المكّية، وإخفاق مكانة سائر القبائل» (?) .
وتفاصيل الظروف التي انتهت إلى إلغاء المقاطعة معروفة (?) ، ونخوة الإنسان لمجابهة الظلم وإنقاذ المظلومين طبع مركوز في جبلّة الإنسان إلّا إذا جرّدناه عن قيمه كإنسان، وعددنا المجتمع البشري مجتمعا حشريا لا تحركه إلّا المصالح الصرفة.. أما على مستوى الأخلاق العربية القديمة ذات الوجود التاريخي الثقيل، فإنّ المسألة تبدو أكثر وضوحا، وعلى هذا الضوء يمكن أن نفهم ما جرى.
ومحمد صلى الله عليه وسلم نفسه يضرب على وتر الدوافع الاقتصادية المصاحبة لكسب الأنصار، فيما يقتبسه (وات) عن (لا مانس) الذي سبق وأن رفض التسليم باستنتاجاته، «كان الأشخاص الذين اتصل بهم محمد، وهم عبد ياليل وإخوته ينتمون إلى قبيلة عمر بن عمير المنتمية للأحلاف، فكانوا بذلك من