جامعة باريس، وأكسفورد، وبولونيا، وجامعة الفاتيكان نفسه مع تنصيب أستاذين لكل من هذه اللغات في كل كرسي، وتكليفهم بترجمة نصوص عربية وعبرية وكلدانية للرد على منتقدي الدين المسيحي..1
كان أول ما اتجه إليه المستشرقون في دراستهم العربية: كتب الفلسفة والمنطق والرياضيات فترجموا كتب ابن رشد والغزالي وابن سينا وأرسطو ونحوهم ثم توجهوا إلى العناية بآداب اللغة العربية والحضارة الإسلامية، وإلى دراسة الإسلام نفسه..
وذلك حسبما يستجد من ظروف ومقتضيات، إذ أن الجامعات الأوروبية وقد كانت تحت السيطرة الكاملة للكنيسة تعتمد دراسة اللاهوت فحسب حتى أوائل العصر الصناعي فبدأت تهتم بالاختصاصات المختلفة تحت ضغوط النهضة الصناعية..
ولكن الذي لا ننساه أن الاستشراق بدأ من الفاتيكان، ورواد الاستشراق هم من رجال الكنيسة وعلماء اللاهوت وظلوا هم المشرفين على هذه الحركة المسيرين لها وكان هدفهم الدفاع عن الكنيسة ومواجهة الضغوط الشديدة المتزايدة من المفكرين المتمردين على سلطانها ممن فتحت الحضارة الإسلامية متنفسا لهم ومهدت لهم الفرصة للتفكير والنهوض..
ولذلك بدأت تلك الدراسات العربية ضيقة ومحدودة بحدود الأهداف التي أنشئت من أجلها، فكانت اللغة العربية تدرس كواحدة من اللغات السامية ولم تحظ باهتمام كاف كلغة لحضارة مستقلة كان لها تأثير كبير وفضل عظيم على أوروبا..
إلى أن فوجئت الدول الاستعمارية بالعالم الإسلامي يبدأ انتفاضاته من جديد بعد أن قضى قرونا طويلة يرزح تحت نير استعمارها البغيض.. فاضطرت مراكز الدراسات الإسلامية إلى أن توسع دائرة دراستها حسب مقتضيات الوضع الجديد..