الحق يقال إن المستشرقين في هذه الجولة خاضوا تجربة فشلت نوعاً ما إذ لم يقدروا مدى يقظة علماء المسلمين على الأقل فضلاً عن طبقة المثقفين، فإن ألاعيبهم هذه إن كانت قد انطلت على جهال المثقفين فإن كثيرا منهم تنبهوا لزيفها وسخافتها، ومع أنه تولى عدد من العلماء الراسخين مهمة التصدي لهذه الألاعيب وتجريدها من ثوبها الزائف الذي ظهرت به - ثوب المنهجية العلمية - فلم تغن هذه الحملة ولا هذا الأسلوب الغناء المطلوب لدى المستشرقين..
فمثلا ممن تولى تجريد كتابات - جولد زيهر - عن السنة من ثوبها الزائف وبيان مقدار هزلها وسخا فتها العالم المجاهد الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله فكان مما فند به التهمة التي ذكرناها عن الزهري:
أن - جولد زيهر - أولا: حرّف الرواية إذ أصل رواية الكلمة التي نقلها كما جاء عن ابن عساكر وابن سعد: أن الزهري يمتنع عن كتابة الأحاديث للناس فلما طلب منه هشام وأصر عليه أن يملي على ولده ليمتحن حفظه فأملى عليه أربعمائة حديث ثم خرج من عند هشام وقال بأعلى صوته: أيها الناس إنا كنا منعناكم أمراً قد بذلناه الآن لهؤلاء وإن هؤلاء الأمراء أكرهونا على كتابة الأحاديث فتعالوا حتى أحدثكم بها فحدثهم بالأربعمائة حديث.
ورواه الخطيب بلفظ:" كنا نكره كتاب العلم - أي كتابته - حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء فرأينا ألا نمنعه أحدا من المسلمين"1 ا-هـ.
فذهب ذلك المستشرق يلفق لرأيه الخطير السخيف ما يناسبه من الروايات والعبارات المحرفة.. فلجأ إلى تحريف يسير قد يفطن له القارئ وهو حذف - أل - من كلمة - الأحاديث - فتغير المعنى بتمامه..
وهذا يذكرنا بقرار (الأمم المتحدة) الذي تفضلوا به على المسلمين فجعلوه