الكنيسة عمدت إلى إظهار هذه الجامعات وخاصة مراكز الدراسات الشرقية فيها بمظهر علماني كخطة معينة، وإن التنسيق قائم بين الحكومات الاستعمارية والكنيسة الصليبية بل وكانت الشركات الكبرى الصناعية تشارك أحيانا كثيرة في تلك الجهود لأن مصالح الجميع التقت حول العالم الإسلامي، ولم يكن اسم - التبشير - الذي أطلقه رجال الكنيسة الصليبية على نشاطاتهم الهدامة إلا من قبيل التمويه والخداع وإلا فإنهم لم يكونوا مخلصين للإنسانية في يوم من الأيام وخاصة الشعوب الإسلامية وقد كانوا دائما في كل قطر إسلامي يحلون فيه طلائع جيوش الاستعمار وجواسيسه وعملاءه، وكان معظم المستشرقين موظفين في السلك السياسي للدول الاستعمارية أو في مخابراتها..
وقد اعتنت بهم تلك الحكومات وأمدتهم بالإمكانيات وقدمت لهم الحماية الكاملة لما رأت من فعالية جهودهم ونشاطهم حيث اطلعوا على أسرار العالم الإسلامي وعلومه ولغاته..
في مقالة للقسيس صموئيل زويمر نشرتها مجلة العالم الإسلامي الصليبية جاء ما يأتي:
"اتفقت آراء سفراء الدول الكبرى في عاصمة السلطنة العثمانية على أن معاهد التعليم الثانوية التي أنشأها الأوروبيون كان لها تأثير على حل المسألة الشرقية يرجح على العمل المشترك الذي قامت به دول أوروبا كلها "1 ا-هـ.
ومن العجيب أنه في نفس الوقت الذي عقدت فيه مؤتمرات رجال الكنيسة الصليبية والتي قرروا فيها أهمية توسيع دائرة الدراسات الإسلامية والعربية لاستخدامها في تحقيق مآربهم عقد مؤتمر اقتصادي استعماري في برلين بألمانيا كان من أهم قراراته ما ذكره رئيس غرفة التجارة في هامبورغ وهو قوله:
"إن نمو ثروة الاستعمار متوقف على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى