وسئلت عن مثل هذه: وهو غسل الأيدي بالمسك؟ فقلت: إنه إسراف؛ بخلاف تتبع الدم بالقرصة الممسكة فإنه يسير لحاجة، وهذا كثير لغير حاجة. فاستعمال الطيب في غير التطيب وغير حاجة كاستعمال القوت في غير التقوت وغير حاجة. وحديث البقرة أنها لم تخلق لهذا يستأنس به في مثل هذا.
ويستدل على ما فعله أحمد من مسح اليد عند كل لقمة بأن وضع اليد في الطعام يخلط أجزاء من الريق في الطعام فهو في معنى ما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التنفس في الإناء؛ لكن يسوغ فيه لمشقة المسح عند كل لقمة، فمن يحشم المسح فذلك حسن منه. انتهى كلامه (?) .
قال في «اقتضاء الصراط المستقيم» قال أصحاب أحمد وغيرهم منهم أبو الحسن الآمدي وأظنه نقله أيضًا عن عبد الله بن حامد: ولا يكره غسل اليدين في الإناء الذي أكل فيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله. وقد نص احمد على ذلك قال: ولم يزل العلماء يفعلون ذلك ونحن نفعله وإنما ينكره العامة. وغسل اليدين بعد الطعام مسنون رواية واحدة. وإذا قدم ما يغسل فيه اليد فلا يرفع حتى يغسل الجماعة أيديهم، لأن الرفع من زي الأعاجم (?) .
وعن أنس رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلاَئِكَةُ» . وكلامه في الترغيب يقتضي أنه جعل هذا الكلام دعاء واستحب الدعاء به لكل من أكل طعامه. وعلى قول الشيخ عبد القادر إنما يقال هذا إذا أفطر عنده فيكون خبرًا. قال الشيخ تقي الدين: وهو الأظهر. انتهى كلامه (?) .