نص الإمام أحمد فيمن اشترى جارية حاملاً من غيره فوطئها أن الولد لا يلحق بالواطئ ولكن يعتق عليه؛ لأن الماء يزيد في الولد، ونقل صالح وغيره يلزمه عتقه، قال الشيخ تقي الدين: يستحب ذلك، وفي وجوبه خلاف في مذهب أحمد وغيره.
وقال أيضًا: يعتق ويحكم بإسلامه، وأنه يسري كالعتق، ولا يثبت نسبه.
قلت: قال في «الفنون» : يجوز بيعها؛ لأنه قول علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة وإجماع التابعين لا يرفعه، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. قال في الفائق: وهو الأظهر (?) .
وإذا اشترى أم ولد ثم وطئها فهل هذا البيع شبهة في الوطء؟ فيه نزاع والأقوى أنه شبهة فيلحقه الولد، وترد إلى سيدها، لأن عند الأئمة الأربعة لا يجوز بيعها، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: الرجل يؤم القوم وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة إلا دبارًا، ورجل استعبد محررًا» فالرجل الأول يؤم القوم وهم يكرهونه لفسقه أو بدعته فليس له أن يؤمهم، ولو كان بين الإمام والمأمومين معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء والمذاهب لم يسغ له أن يؤمهم، لأن في ذلك منافاة لمقصود الصلاة جماعة. وأما الرجل الذي يأتي الصلاة دبارًا: فهو الذي يفوته الوقت. والذي استعبد محررًا: هو الذي يستعبد الحر مثل أن يعتق عبدًا ويجحده، أو يقهره على العبودية فلا تقبل صلاة هؤلاء؛ لأنهم أتوا بذنب يقاوم فعل الصلاة فصار عقاب هذا يقاوم ثواب هذا؛ لأن الأول أدخل عليهم في الصلاة ما يقاوم صلاته. والثاني أخرج الصلاة عن وقتها فعليه إثم التأخير فدخل في قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [5/107] .