قومه، ولما قالت الأمة من أهل القرية الحاضرة البحر لواعظي الذين يعدون في السبت {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [164/7] أي نقيم عذرنا عند ربنا، وليس هداهم علينا، بل الهداية إلى الله.
ومن لم يحب ما أحبه الله وهو المعروف ويبغض ما أبغضه الله تعالى وهو المنكر لم يكن مؤمنا، فلهذا لم يكن وراء إنكار المنكر بالقلب حبة خردل من إيمان، ولا يمكن أن يحب جميع المنكرات بالقلب إلا إن كان كافرا، وهو الذي مات قلبه، كما سئل بعض السلف عن ميت الأحياء في قولهم:
ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء
فقال: هو الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، لكن من الناس من ينكر بعض الأمور دون بعض، فيكون في قلبه إيمان ونفاق، كما ذكر ذلك من ذكره من السلف حيث قالوا: القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فهو، قلب الكافر، وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق، وقلب فيه مادتان، مادة تمده بالإيمان، ومادة تمده بالنفاق، فذلك خلط عملا صالحا وآخر سيئا.
وفي الجملة فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإذا غلب على ظنه أن غيره لا يقوم به تعين عليه ووجب عليه ما يقدر عليه من ذلك؛ فإن تركه كان عاصيا لله ولرسوله، وقد يكون فاسقا وقد يكون كافرا.
وينبغي لمن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر أن يكون فقيها قبل الأمر، رفيقا عند الأمر، ليسلك أقرب الطرق في تحصيله حليما
بعد الأمر، لأن الغالب أن لا بد أن يصيبه أذى كما قال تعالى: {وَأْمُرْ