وقالت طائفة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: الذي يرجح أنه إنما صلى بمنى وجوه:
أحدها: أنه لو صلى الظهر بمكة لأناب عنه في إمامة الناس بمنى إماما يصلي بهم الظهر بمنى نائب له ولا ينقله أحد. فقد نقل الناس نيابة عبد الرحمن بن عوف لما صلى بهم الفجر في السفر، ونيابة الصديق لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلح بين بني عمرو بن عوف، ونيابته في مرضه، ولا يحتاج إلى ذكر من صلى بهم بمكة، لأن إمامهم الراتب الذي كان مستمرا على الصلاة قبل ذلك وبعده هو الذي كان يصلي بهم.
الثاني: أنه لو صلى بهم في مكة لكان أهل مكة مقيمين فكان يتعين عليهم الإتمام، ولم يقل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر» كما قاله في غزوة الفتح.
الثالث: أنه يمكن اشتباه الظهر المقصورة بركعتي الطواف، ولا سيما والناس يصلونهما معه ويقتدون به فيهما فظنهما الرائي الظهر، وأما صلاته بمنى والناس خلفه فهذه لا يمكن اشتباهها بغيرها أصلا، لا سيما وهو - صلى الله عليه وسلم - كان إمام الحاج الذي لا يصلي لهم سواه، فكيف يدعهم بلا إمام يصلون أفرادا ولا يقيم لهم من يصلي بهم هذا في غاية البعد (?) .
وذكر أحمد: أنه يأتي الحطيم وهو تحت الميزاب فيدعو، وذكر شيخنا ثم يشرب من ماء زمزم ويستلم الحجر الأسود (?) .
ويتوجه على اختيار شيخنا بعد يوم النحر يوم القر الذي يليه، لأنه احتج بقوله عليه السلام: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر» (?) .