فالقراءة الأولى توافق الحديث الذي في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» جعل الوعد بالمغفرة لمن لم يرفث ولم يفسق.

فالمنهي عنه المحرم في الآية: هو «الرفث» ، وهو الجماع ودواعيه قولا وفعلا، و «الفسوق» ، هو المعاصي كلها، هذا الذي نهى عنه المحرم.

وقوله: {وَلَا جِدَالَ} نهى المحرم عن الجدال مطلقا، بل الجدال بالتي هي أحسن قد يؤمر به المحرم وغيره.

والمعنى أنه أمر الحج قد بينه الله وأوضحه فلم يكن فيه جدال.

وأما القراءة الأخرى، فقالوا في أحد القولين: نهي المحرم عن الثلاثة: الرفث والجماع وذكره، و «الفسوق» ، وهو السباب والجدال.

والتحقيق: أن الفسوق أعم من السباب، والجدال المكروه المحرم هو المراد.

والخصومة من الجدال لقوله - صلى الله عليه وسلم - «من ترك المراء وهو محق بني الله له بيتا في أعلى الجنة، ومن تركه وهو مبطل بنى الله له بيتا في ربض الجنة» .

وقالوا في القول الآخر: حكم هذه القراءة حكم الأولى في أن المراد نهي المحرم عن الرفث والفسوق وهي المعاصي كلها.

وبين الله بعد ذلك أن الحج قد اتضح أمره، فلا جدال بالباطل أي لا تجادلوا فيه بغير حق، فقد ظهر وبان، وهذا القول أصح لموافقته الحديث المتقدم، فإن فيه «من حج فلم يرفث ولم يفسق» فقط.

وبكل حال فالحاج مأمور بالبر والتقوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015