بشيء مما يخصونها به، فليس للمسلم أن يخص خميسهم الحقير بتجديد طعام الرز والعدس والبيض المصبوغ وغير ذلك، ومن فعل ذلك على وجه العبادة والتقرب به واعتقاد التبرر به فإنه يعرف دين الإسلام وأن هذا ليس منه بل هو ضده ويستتاب منه فإن تاب وإلا قتل.
وليس لأحد أن يجيب دعوة مسلم يعمل في أعيادهم مثل هذه الأطعمة ولا يحل له أن يأكل من ذلك، بل لو ذبحوا هم في أعيادهم شيئا لأنفسهم ففي جواز أكل المسلم من ذلك نزاع بين العلماء، والأصح عدم الجواز، لكونهم يذبحونها على وجه القربان، فصار من جنس ما ذبح على النصب وما أهل به لغير الله.
وأما ذبح المسلم لنفسه في أعيادهم على وجه القربة فكفر بين كالذبح للنصب، ولا يجوز الأكل من هذه الذبيحة بلا ريب، ولو لم يقصد التقرب بذلك بل فعله لأنه عادة أو لتفريح أهله فإنه يحرم عليه ذلك، واستحق العقوبة البليغة إن عاد إلى مثل ذلك، لقوله - صلى الله عليه وسلم - «ليس منا من تشبه بغيرنا» و «من تشبه بقوم فهو منهم» وقد بسطنا ذلك في كتابنا: اقتضاء الصراط المستقيم وذكرنا دلائل ذلك كلها.
وسأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أذبح ببوانة فهل أوف بنذري؟ فقال: «إن كان بها عيد من أعياد المشركين أو وثن فلا تذبح بها» .
فنهاه أن يذبح في مكان كانوا يتخذونه في الجاهلية عيدا، لئلا يكون ذبحه ذريعة إلى إحياء سنن الكفر، فكيف بمن يظهر شعائر كفرهم وإفكهم؟ وإن كان لا يعلم أنه من خصائص دينهم بل يفعله على وجه العادة فهي عادة جاهلية مأخوذة عنهم، ليس هذا من عادات المسلمين التي أخذوها عن المؤمنين.