وبهذا تظهر دلالة النصوص على ما قلنا كقوله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: «هو الطهور ماؤه» وقوله: «جعلت لي الأرض مسجدًا وتربتها طهورًا» مما يبين أن المراد ما يتطهر به، ولا يجوز أن يراد طاهر لفساد المعنى، ولا يجوز أن يراد طهور تعدية طاهر لفساد الاستعمال (?) .
قال الخلال: حدثنا صالح بن أحمد؛ قال: قلت لأبي: إذا اغتسل الجنب في البئر أو في الغدير وفيه الماء أكثر من قلتين؟ قال: يجزيه ذلك، قال أحمد: أنجس الماء؟
قول أحمد: أنجس الماء؟ ظن بعض أصحابه أنه أراد نجاسة الخبث فذكر رواية عنه: وإنما أراد أحمد نجاسة الحدث، كما يراد بالطهارة طهارة الحدث، وأحمد رضي الله عنه لا يخالف سنة ظاهرة معلومة له قط، والسنة في ذلك أبين من أن تخفى على أقل أتباعه.
وحمل كلامه على الغدير يغتسل فيه أقل من قلتين من نجاسة الحدث، وليست هذه المسألة من موارد الظنون بل هي قطعية بلا ريب.
ولا يستحب غسل البدن والثوب منه، وهو أصح الروايتين عنه.
وأول القاضي القول بنجاسة الماء بجعله في صفة النجس في منع الوضوء لا أنه تنجس حقيقة.
وظاهر كلام القاضي في التعليق: أن الحدث لا يرتفع عن الأعضاء إلا بعد الانفصال كما لا يصير مستعملا إلا بذلك، فهذا إذا نوى وهو في الماء، وإذا نوى قبل الانغماس ففيه وجهان، وأما إذا صب الماء على العضو: فهنا ينبغي أن يرتفع الحدث (?) .