كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [120/9] فصار واجبا عليهم لموافقته ولو لم يكن قد تعين الغزو في ذلك الوقت إلى ذلك الوجه. وهذا الذي ذكرناه في المتابعة قد يقال في كل فعل صدر منه اتفاقا لا قصدا، كما كان ابن عمر يفعل في المشي في طريق مكة، وكما في تفضيل إخراج التمر. وهذا في الاقتداء نظير الامتثال في الأمر. فالفائدة قد تكون في نفس تهدينا بهديه وبأمره وفي نفس الفعل المفعول المأمور به والمقتدى به فيه، فهذا أحرى في الاقتداء ينبغي أن يتفطن له فإنه لطيف، وطريق أحمد تقتضيه. وهذا في الطرف الآخر من المنافاة لقول من قال: إن المأمور به قد يرتفع لارتفاع علته من غير نسخ؛ فإن أحمد تسرى لأجل المتابعة، واختفى ثلاثا لأجل المتابعة، وقال: وما بلغني حديث إلا عملت به، حتى أعطى الحجام دينارا، وكان يتحرى الموافقة لجميع الأفعال النبوية (?) .

[شيخنا] : ... ... ... فصل

احتج القائل بأن فعله لا يدل على وجوبه علينا بأن المتبوع أوكد حالا من المتبع فإذا كان ظاهر فعله لا ينبئ عن جوبه عليه فلأن لا يدل على وجوبه علينا أولى. فقال القاضي: هذا يبطل على أصل المخالف بالأمر، فإنهم يجعلونه دالا على الوجوب في حق غيره ولا يدل على وجوبه عليه لأن الآمر لا يدخل تحت الأمر عندهم. قال: وعلى أنا نقول: إن ظاهر أفعاله تدل على الوجوب في حقه كما يدل على ذلك في حق غيره، كما قلنا في أوامره: هي لازمة له وهو داخل تحتها كالمأمور سواء ولا فرق بينهما، وهذا قياس المذهب (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015