والصواب: أن العزم الجازم متى اقترن به القدرة والإرادة فلا بد من وجود العمل. فإذا كان العازم قادرا ولم يفعل ما عزم عليه فليس عزمه جازما، فيكون من باب الهم الذي لا يأخذ الله به، ولهذا من عزم على معصية فعل مقدماتها ولو أنه يخطو خطوة برجله أو ينظر نظرة بعينه فإذا عجز عن إتمام مقصوده بها يعاقب؛ لأنه فعل ما يقدر عليه وترك ما عجز عنه (?) .
وتصح التوبة من ذنب مع الإصرار على آخر، إذا كان المقتضي للتوبة منه أقوى من المقتضي للتوبة من الآخر، أو كان المانع من أحدهما أشد. هذا هو المعروف عن السلف والخلف (?) .
قال المروذي: سئل أحمد رضي الله عنه عما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله عز وجل احتجز التوبة عن صاحب بدعة» وحجز التوبة أي شيء معناه؟ قال أحمد: لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة لتوبة، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [159/6] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هم أهل البدع والأهواء ليست لهم توبة» .
قال الشيخ تقي الدين: لأن اعتقاده لذلك يدعوه إلى ألاَّ ينظر نظرًا تاما إلى دليل خلافه فلا يعرف الحق، ولهذا قال السلف: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية. وقال أيوب السختياني وغيره: إن المبتدع لا يرجع.
وأيضا التوبة من الاعتقاد الذي كثر ملازمة صاحبه له ومعرفته