[المؤلف يستقل علمه وعمله، ظهور ذله وانكساره وافتقاره واعتماده على ربه]

وبعث إليَّ في آخر عمره «قاعدة» في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه.

أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسكين في مجموع حالاتي

أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا من عنده يأتي

لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لي دفع المضراتي

وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتي

إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قد جاء في الآياتي

ولست أملك شيئا دونه أبدا ... ولا شريك أنا في بعض ذراتي

ولا ظهير له كي يستعين به ... كما يكون لأرباب الولاياتي

والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي

وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي

فمن بغى مطلبا من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي

والحمد لله ملأ الكون أجمعه ... ما كان منه وما من بعد قد ياتي (?)

[الصبر. صبر يوسف عن مطاوعتها أعظم من صبره على ما فعله به إخوته]

وسمعت شيخ الإسلام -قدس الله روحه- يقول: كان صبر يوسف عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر وأما صبره عن المعصية فصبر اختيار ورضى ومحاربة للنفس، ولاسيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة فإنه كان شابا وداعية الشباب إليها قوية. وعزبا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته. وغريبا والغريب لا يستحيي في بلد غربته مما يستحيي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله. ومملوكا، والمملوك أيضا ليس وازعه كوازع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015