الدخول المطلق الذي توعد به في القرآن توعدا مطلقا، وهو دخول الخلود فيها؛ وأنه لا يخرج منها بشفاعة ولا غيرها، مثل قوله: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [15/92] ، وقوله: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [60/40] .

فيقال: إن من في قلبه مثقال ذرة من إيمان يمنع من هذا الدخول المعروف، لا أنه لا يصيبه شيء من عذاب النار؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «وأما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتتهم إماتة حتى إذا كانوا حمما أذن في الشفاعة فخرجوا ضبائر ضبائر فينبتون على نهر الجنة» .

وكذلك قوله: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر» نفى الدخول المطلق المعروف وهو دخول المؤمنين الذين أعدت لهم الجنة كقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [73/39] الآية. وقوله: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [26، 27/36] وأمثال ذلك مما يطلق فيه الدخول والمراد الدخول ابتداء من غير سبق عذاب في النار بحيث لا يفهم من ذلك أنهم يعذبون فهذا الدخول لا يناله من في قلبه مثقال ذرة من كبر.

وأيضا فهذه الأحاديث مبين فيها سبب دخول الجنة من العمل الصالح، وسبب دخول النار كالكبر.

فإن وجد في العبد أحد السببين فقط فهو من أهله، وإن وجدا فيه معا استحق الجنة والنار، فالذي معه كبر وإيمان يستحق النار فيعذب فيها حتى يزول الكبر من قلبه وحينئذ يدخل الجنة ولم يبق في قلبه كبر ولا مثقال ذرة منه، كما أنه [إذا] تاب منه لم يكن من أهله وكذا إذا عذب في الدنيا أو في الآخرة لم يكن حينئذ من أهله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015