بشهادتهم الباطلة، قال أبو العباس: هذا ينبني على أن الشاهد الصادق إذا كان فاسقًا أو متهمًا بحيث لا يحل للحاكم الحكم بشهادته: هل يجوز له أداء الشهادة؟ إن جاز له أداء الشهادة بطل قول أبي الخطاب، وإن لم يجز كان متوجهًا لأن شهادتهم حينئذ فعل محرم، وإن كانوا صادقين كالقاذف الصادق.
وإذا جوزنا للفاسق أن يشهد جوزنا للمستحق أن يشهده عند الحاكم ويكتم فسقه، وإلا فلا.
وعلى هذا فلو امتنع الشاهد الصادق العدل أن يؤدي الشهادة إلا بجعل: هل يجوز إعطاؤه الجعل؟ إن لم نجعل ذلك فسقًا فعلى ما ذكرنا.
قال صاحب المحرر: وعنه لا ينتقض الحكم إذا كانا فاسقين، ويغرم الشاهدان المال، لأنهما سبب الحكم بشهادة ظاهرها الزور.
قال أبو العباس: وهذا يوافق قول أبي الخطاب، ولا فرق إلا في تسمية ضمانهما نقضًا وهذا لا أثر له، لكن أبو الخطاب يقوله في الفاسق وغير الفاسق على ما حكي عنه.
وهذه الرواية لا تتوجه على أصلنا إذا قلنا الجرح المطلق لا ينقض وكان جرح البينة مطلقًا، فإنه اجتهاد فلا ينقض به اجتهاد، ورواية عدم النقض أخذها القاضي من رواية الميموني عن أحمد في رجلين شهدا أنهما دفنا ههنا فلانا بالبصرة فقسم ميراثه، ثم إن الرجل جاء بعد وقد تلف ماله قد تبين للحاكم أنهما شهدا على زور أيضمنهما ماله؟ قال: وظاهر هذا أنه لم ينقض الحكم، لأنه لم يغرم الورثة قيمة ما أتلفوه من المال، بل أغرم الشاهدين ولو نقضه لأغرم الورثة.
قال: ويحتمل أنه أغرم الورثة ورجعوا بذلك على الشهود، لأنهم معذورون فيكون قوله: «يضمنهما» يعني: الورثة.