قال الشيخ: ويؤيد هذا ما ذكره القاضي وغيره، محتجًا به وهو في الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد، أن رجلاً من المسلمين خرج فمر بقرية فمرض ومعه رجلان من المسلمين: فدفع إليهما ماله، ثم قال: ادعوا لي من أشهده على ما قبضتماه، فلم يجد أحدًا من المسلمين في تلك القرية فدعوا أناسًا من اليهود والنصارى فأشهدوهم على ما دفع إليهما وذكر القصة فانطلقوا إلى ابن مسعود فأمر اليهود والنصارى أن يحلفوا بالله لقد ترك من المال كذا وكذا، ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين ثم أمر أهل المتوفى أن يحلفوا أن شهادة اليهود والنصارى حق، فحلفوا فأمرهم ابن مسعود أن يأخذوا من المسلمين ما شهد به اليهودي والنصراني، وذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه (?) .
قال شيخنا رحمه الله: وهل تعتبر عدالة الكافرين في الشهادة بالوصية في دينهما؟ عموم كلام الأصحاب يقتضي أنها لا تعتبر، وإن كنا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض اعتبرنا عدالتهم في دينهم (?) .
وشهادة الفاسق مردودة بنص القرآن واتفاق المسلمين، وقد يجيز بعضهم الأمثل فالأمثل، من الفساق عند الضرورة إذا لم يجد عدول ونحو ذلك، وأما قبول شهادة الفاسق فهذا لم يقله أحد من المسلمين (?) .
وقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [282/2] يقتضي أنه يقبل في الشهادة على حقوق الآدميين من رضوه شهيدًا بينهم ولا ينظر إلى عدالته، كما يكون مقبولاً عليهم فيما ائتمنوه عليه.
وقوله تعالى: في آية الرجعة والوصية {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}