والقضاة ثلاثة: من يصلح، ومن لا يصلح، والمجهول.
فلا يرد من أحكام من يصلح إلا ما علم أنه باطل، ولا ينفذ من أحكام من لا يصلح إلا ما علم أنه حق.
واختار صاحب المغني وغيره: إن كانت توليته ابتداء.
وأما المجهول فينظر فيمن ولاه، فإن كان لا يولي إلا الصالح جعل صالحا، وإن كان يولي هذا تارة وهذا تارة نفذ ما كان حقا، ورد الباطل، والباقي موقوف.
وبين من يصلح ومن لا يصلح إذا للضرورة ففيه مسألتان:
إحداهما: على القول بأن من لا يصلح تنقض جميع أحكامه هل ترد أحكام هذا كلها، أم يرد ما لم يكن صوابا؟ والثاني المختار، لأنها ولاية شرعية.
والثانية: هل تنفذ المجتهدات من أحكامه، أم يتعقبها العالم العادل؟ هذا فيه نظر (?) .
وحديث معاذ لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن الذي قال فيه: "فإذا لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: حكمت برأيي" طعن فيه جماعة، وروي في مسانيد ورواه أبو داود، واستدل به طوائف من الفقهاء، وأهل الأصول في كتبهم، وروي من طرق.
وبكل حال يجوز اجتهاد الرأي للقاضي والمفتي إذا لم يجد في الحادثة نصا من الكتاب أو السنة كقول جماهير السلف وأئمة الفقهاء كمالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد وغيرهم، واستدلوا على ذلك بدلائل مثل كتاب عمر لأبي موسى