رد هذه الدعوى على الروايتين، بخلاف ما إذا كانت ممكنة، ونص أحمد في رواية عبد الله فيما إذا علم بالعرف المطرد أنه لا حقيقة للدعوى لا يعذبه، وفيما لم يعرف واحد من الأمرين يعذبه، كما في رواية الأثرم، وهذا التفريق حسن.

والحال الثاني: احتمال الأمرين، وأنه يحضره بلا خلاف.

والحال الثالث: تهمته وهو قيام سبب يوهم أن الحق عنده، فإن الاتهام افتعال من الوهم، وحبسه هنا بمنزلة حبسه بعد إقامة البينة وقبل التعزير، أو بمنزلة حبسه بعد شهادة أحد الشاهدين، فأما امتحانه بالضرب كما يجوز ضربه لامتناعه من أداء الحق الواجب دينا أو عينا، ففي المسألة حديث النعمان بن بشير في سنن أبي داود لما قال: "إن شئتم ضربته فإن ظهر الحق عنده وإلا ضربتكم وقال: هذا قضاء الله ورسوله".

وهذا يشبه تحليف المدعي إذا كان معه لوث، فإن اقتران اللوث بالدعوى جعل جانبه مرجحا فلا يستبعد أن يكون اقترانه بالتهمة يبيح مثل ذلك.

والمقصود أنه إذا استحق التعزير وكان متهما بما يوجب حقا واحدا مثل أن يثبت عليه هتك الحرز ودخوله ولم يقر بأخذ المال وإخراجه ويثبت عليه المحاربة لخروجه بالسلاح وشهره له، ولم يثبت عليه القتل والأخذ، فهذا يعزر لما فعله من المعاصي، وهل يجوز أن يفعل ذلك، أيضا امتحانا لا غير، فيجمع بين المصلحتين؟ هذا قوي في حقوق الآدميين.

فأما حدود الله تعالى عند الحاجة إلى إقامتها فيحتمل، ويقوى ذلك إذا أنكر الجميع ثم قامت البينة ببعض ما أنكر فإنه يصير لوثًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015