فإن ترك الواجبات عندنا في الضمان كفعل المحرمات، حتى قلنا: من قدر على إنجاء شخص بإطعام أو سقي فلم يفعل فمات ضمنه.
فعلى هذا فلو كتم شهادة كتمانا أبطل بها حق مسلم ضمنه، مثل أن يكون عليه حق ببينة وقد أداه حقه، وله بينة بالأداء، فكتم الشهادة حتى ضمن ذلك الحق، وكما لو كانت وثائق لرجل فكتمها أو جحدها حتى فات الحق، ولو قال: أنا أعلمها ولا أؤديها فوجوب الضمان ظاهر.
وظاهر نقل حنبل وابن منصور: سماع الدعوى والإعداء التحليف في الشهادة.
ومن هذا الباب لو كان في القرية أو المحلة أو البلدة رجل ظالم فسأل الوالي أو الغريم عن مكانه ليأخذ منه الحق فإنه يجب على الناس دلالته عليه بخلاف ما لو كان قصده أكثر من الحق، فعلى هذا: إذا كتموا ذلك حتى تلف الحق ضمنوه.
ويملك السلطان تعزير من ثبت عنده أنه كتم الخبر الواجب، كما يملك تعزير المقر إقرارًا مجهولاً، حتى يفسر؟ ومن كتم الإقرار.
وقد يكون التعزير على ترك المستحب، كما يعزر العاطس الذي لم يحمد الله بترك تشميته.
وقال أبو العباس في موضع آخر: والتعزير على الشيء دليل على تحريمه.
ومن هذا الباب ما ذكره أصحابنا وأصحاب الشافعي من قتل الداعية من أهل البدع، كما قتل الجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، وغيلان القدري.
وقتل هؤلاء له مأخذان.