وكذلك إذا كانت الأم مسلمة عند الجمهور كالشافعي وأحمد وأبي حنيفة فإنه يتبع عند الجمهور في الدين خيرهما دينا، وأما في النسب والولاء فهو يتبع الأب بالاتفاق، وفي الحرية أو الرق يتبع الأم بالاتفاق،.
وحمل بعضهم هذا الحديث على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنها تختار الأب بدعائه، فكان ذلك خاصا في حقه.
وأيضًا فهذه القصة قضية في عين، والأشبه أنها كانت في أول زمن الهجرة، فإن الأب كان من الأنصار فأسلم والأم لم تسلم، وفي آخر الأمر أسلم جميع نساء الأنصار فلم يكن فيهن إلا مسلمة حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولنساء الأنصار".
ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكره أحدا على الإسلام ولا ضرب الجزية على أحد، ولكن هادن اليهود مهادنة وأما الأنصار ففشى فيهم الإسلام وكان فيهم من لم يسلم، بل كان مظهرا لكفره فلم يكونوا ملتزمين لحكم الإٍسلام، وكذلك كان عبد الله بن أبي بن سلول وغيره قبل أن يظهروا الإسلام.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أسامة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب يعود سعد بن عبادة فمر بمجلس من الأنصار الحديث، ففي هذا الحديث وغيره من الأحاديث ما يبين أنهم كانوا قبل غزوة بدر متظاهرين بالكفر من غير الإسلام ولا ذمة، فلم يكن الكفار ملتزمين لحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا التزام حكمه إنما يكون بالإسلام أو بالعهد الذي التزموا فيه ذلك، ولم يكن المشركون كذلك، فلهذا لم يلزم المرأة بحكم الإسلام، بل دعا الله أن يهدي الصغير فاستجاب الله، ودعاؤه له أن يهديه: دليل على أنه كان طالبا مريدا لهداه، وهداه أن يكون عند المسلم، لا عند الكافر، لكن لم يمكنه ذلك بالحكم الظاهر، لعدم دخول الكافرة تحت حكمه، فطلبه بدعائه القبول، وهذا يدل على أنه متى أمكن أن يجعل مع المسلم لا يجعل مع الكافر.