وشَيْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ حَتَّى إذا كَانُوا قُرْبَ أَسِنَّةِ المُسْلِمِينَ قَالُوا: ابْعَثُوا إلينَا عِدَّتَنْا مِنْكُم نُقَاتِلُهُم، فَقَامَ غِلْمَة مِنْ بَنِي الخَزْرَجِ فأَجْلَسَهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قالَ: يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَتَبْعَثُونَ إلى إخْوَتِكُم -والنبيُّ مِنْكُمْ- غِلْمَةً مِنَ الخَزْرَجِ، فأَنْتُم عَلَى الحَقِّ وَهُم عَلَى البَاطِلِ، فَقَامَ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وعَلِيُّ بنُ أَبي طَالبِ، وعُبَيْدَةُ بنُ [الحَارِث] (?)، فَمَشَوا إليهِم في الحَدِيدِ، فقَالَ عُتْبَةُ: تَكْلَّمُوا نَعْرِفُكُم، فإنْ تَكُونُوا أَكِفَّاءً نُقَاتِلُكُم؟ فقَالَ حَمْزَةُ: أَنَا أَسدُ الله وأَسدُ رَسُولهِ، فقَالَ لَهُ عُتْبَةُ: كُفْءٌ كَرِيم، فَوَثَبَ إليهِ شَيْبَةُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَضَربَهُ حَمْزَةُ فَقَتَلهُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ إلى الوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ فَاخْتَلَفا ضَرْبَتَينِ فَضَربَهُ عَلِيٌّ فَقَتَلهُ، ثُمَّ قَامَ عُبَيْدَةُ فَخَرجَ إليهِ عُتْبَةُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَينِ فَجَرحَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وكَرَّ حَمْزَةُ عَلَى عُتْبَةَ فَقَتَلهُ، فَقَامُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزَلْتَ عَلِيَّ الكِتَاَبَ، وأَمَرْتَنِي بالقِتَالِ، ووَعَدْتَنِي النَّصْرَ، ولا تُخْلِفُ المِيعَادَ، فأَتَاهُ جِبريلُ فأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} [سورة آل عمران: 124] وقَدْ قَالَ أَبو جَهْلٍ: لَا تُقْتُلُوهُم قَتْلًا, ولَكِنْ خُذُوهُم أَخْذًا حَتَّى تُعَرِّفُوهُم الذِي صَنَعُوا مِنْ طَعْنِهِم في دِينكْم، ورَغْبَتِهِم عَنِ اللَّاتِ والعُزَّى، فأَوْحَى الله تَبَارَكَ وتَعَالىَ إلى المَلَائِكِة: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [سورة الأنفال: 12] فَقُتِلَ أَبو جَهْلٍ في تِسْعَةٍ وسِتِّينَ رَجُلًا، وأُسِرَ عُقْبَةُ بنُ أَبي مُعَيْطِ فَقُتِلَ صَبْرًا، فَوَفَّى ذَلِكَ سَبْعِينَ، وأُسِرَ سَبْعُونَ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015