رُؤُوسًا جُهَّالًا فَأفْتُوا بِغَير عِلْمِ فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)، كمَا جاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ (?).

ولِدَرْء كُلِّ هَذا سَنَّ صَحَابةُ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومَنْ بَعْدَهُم مِنَ التَّابِعينَ لَهُم بإحْسَانِ الرِّحْلَةَ لِتَحْصِيلِ الحَدِيثِ، وطَلَبِ عُلُوِّ الإسْنَاد في المَرْوِياتِ، وهذا المَقْصَدُ مِنْ أَهَمِّ دَوَاعِي الرِّحْلَةِ، فيَتَمكَّنُ مِنْ مُلَاقَاةِ الشُّيُوخِ والرِّوَايةِ عَنْهُم مُبَاشَرةً دُونَ وَسَائِطَ، قالَ الإمَامُ مُحمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسيُّ: (اعْلَمْ أنَّ طَلَبَ العُلُوِّ مِن الحَدِيثِ مِنْ عُلُوِّ هِمَّةِ المُحَدِّثِ، ونُبْلِ قَدْرِه، وجَزَالةِ رأْيهِ، وقدْ وَرَد في طَلَبِ العُلُوِّ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ .... ثُمَّ قالَ: فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى طَلَبِهِم العُلُوَّ ومَدْحِه، إذ لو اقْتَصَرُوا على سَمَاعهِ بِنُزُولٍ لم يَرْحَلْ أَحَدٌ مِنْهُم، ثُمَّ وَجَدْنا الأَئِمَّةَ المُقْتَدَى بِهِم في هذا الشأنِ سَافَرُوا الآفاقَ في سَمَاعهِ ولو اقْتَصَرُوا على النُّزُولِ لَوَجدَ كُلُّ وَاحِدِ مِنْهُم بِبَلَده مَنْ يُخْبُره بذلكَ الحَدِيثِ) (?).

وجَمَعَ شَيْخُنَا العَلَّامَةُ عَبْدُ الَفَتَّاحِ أَبو غُدَّةَ رَحِمَهُ الله تَعَالىَ نمَاذِجَ جَلِيلَةً مِمَّا لَقِيَهُ عُلَمَاءُ الحَديثِ مِنْ شِدِّة ولأوْاءٍ في رِحْلَاتِهِم لِتَكُونَ حَافِزًا للنُفُوسِ، وتَقْوِيةً للهِمَمِ، ومِمَّا قَالَهُ غَفَر الله لنا ولهُ: (فإذا نَظَر المُتَبَصِّرُ في هذه الرِّحْلَاتُ التي كَانُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015