وإنْ تَكَلَّمَ سَمَا وعَلَاهُ البَهَاءُ، كأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزاتِ نَظْمِ يَتَحَدَّرْنَ، فَصْلٌ، لَا نَزْرٌ ولَا هَذَرٌ، أَزْهَرُ اللَّوْنِ وأَجْمَلُهُ مِنْ بَعِيدٍ، وأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ، رَبْعَةٌ، لا يَشْنَؤُه مِنْ طُولٍ، ولا تَقْتَحِمُهُ عَينٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بينَ غُصْنَينِ، فَهُو أَنْضَرُ الثَّلَاثةِ مَنْظَرًا، وأَحْسَنُهُم قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بهِ، إنْ قَالَ اسْتَمَعُوا لِقَوْلهِ، وإنْ أَمَر تَبَادَرُوا إلى أَمْرِه [محْفُودٌ] (?) محشُودٌ، لا عَابِسٌ ولا [مُفَنَّدٌ] (?)، قالَ: هَذا واللهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الذي ذُكِرَ لَنا مِنْ أَمْرِه مَا ذُكِرَ، ولَو كُنْتُ وَافَقْتُهُ لَالْتَمَسْتُ أنْ أَصْحَبَهُ، ولأَفْعَلَنَّهُ إنْ وَجَدْتُ إلى ذَلِكَ سَبِيلًا.
وأَصْبَحَ صَوْتٌ بمَكَّةَ بينَ السَّمَاءِ والأَرْضِ يَسْمَعُونَهُ ولا يَرَوْنَ مَنْ يَقُولُه، وهُو يَقُولُ:
جَزَى اللهِ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ
هما نزَلَا بالبِرِّ وارْتَحَلا به ... فَأْفَلَحَ مَنْ أَمَسَى رَفِيقَ مُحمَّدِ
فَيَالَ قصيٍّ مَا زَوَى اللهِ عَنْكُمُ ... به مِنْ فِعَالٍ لا تُجازَى وسُؤْدُدِ
سلوا أُخْتَكُم عَنْ شَاتِهَا وإنَائِهَا ... فَإنَّكُم إن تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دعاها بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحلَّبَتْ ... لَهُ بِصَريحٍ ضَرَّةُ الشَّاةِ تَشْهَدِ
فغادرها رَهْنَا لَدَيْهَا لحَالِبٍ ... [يرددِّهَا] (?) فيِ مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ