أَعْرِفُهُ؟ قَالُوا: هَذا مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الله القُرَشِيُّ، شكَا إلينا أَنَّ قَوْمَهُ لا يَذِرُونَهُ يُبَلِّغُ رِسَالَاتِ الله عزَّ وَجَلَّ، فأَتَانَا لِنَمْنَعَهُ، قَالَ لَهُم بَيْحَرَةُ: بِئْسَ مَا صَنَعْتُم، والله مَا أَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَعَلَ هذا بِهذا السُّوقِ شَرًّا مِمَّا فَعَلْتُم، عَمَدْتمُ إلى دَحِيقِ قَوْمٍ فأَجَرْتُموهُ، لَترْمَيِنكَّم العَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، لَعَمْرِي لَقَوْمِهِ أَعْلَمُ بهِ، لَو وَجَدُوا عِنْدَهُ خَيرًا ما أَخْرَجُوهُ، ولَكَانُوا هُم أَسْعَدَ النَّاسِ بهِ، فأَخْرِجُوه كَمَا أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ، قَالُوا: يا مُحمَّدُ، أعْمِدْ لِطِيَّتِكَ، وأَصْلِحْ قَوْمَكَ فلَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ.
فعَمَدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى الطَّائِفِ فانْتَهَى إلى بَنِي عَمْرو بنِ عُمَيرٍ، وَهُم في حَلَقَةٍ مِنْ ثَقِيفِ قُرَيْشٍ، وَهُم مِنْ أَشرافِ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمِئذٍ، فَعَرضَ عَلَيْهِم نَفْسَهُ، وشَكَا إليهِم تَكْذِيبَ قَوْمهِ إيَّاهُ، والذي يَلْقَى هُو وأَصْحَابهُ في الله عزَّ وَجَلَّ، فقالَ: امْنَعُونيِ حتَّى أُبَلِّغَ رِسَالاَتِ الله تَبَاركَ وتَعَالىَ، ولا أُكْرِهُ أَحَدًا مِنْكُم عَلَى شَىِءٍ يَكْرَهَهُ فإنيِّ رَسُولُ الله، فَسَكَتَ القَوْمُ، وتَكَلَّمَ حَبِيبُ بنُ عَمْرو، وقالَ: حَبِيبُ بنُ عَمْرو يَسرِقُ حِجَابَ الكَعْبةِ إنْ كانَ الله عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَكَ بِشَيءٍ قَطُّ، فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَمَا إنِّي لَقَد أُذَكِّرُكَ هَذا، وقالَ كِنَانَةُ بنُ عَبْدِ يَالَيلَ بنِ عَمْرو: أَما وَجَد الله عَزَّ وَجَلَّ رَسُولًا يُرْسِلُهُ غَيرُكَ، وَهُو يَشْهَدُ أنَّكَ كَذَّابٌ، وقالَ مَسْعُودُ بنُ عَمْرو: والله لا أُكَلِّمُكَ بعدَ مجْلِسِكَ هَذا أَبدًا، لَئِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللهِ لأَنْتَ أَعْظَمُ في أَنْفُسِنَا وأَشرفُ مِنْ أنْ نُكَلِّمَكَ، ولَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ على الله عَزَّ وَجَلَّ لأَنْتَ أَشرُّ في أَنْفُسِنَا مِنْ أَنْ نُكَلِّمَكَ، أُخْرُجْ مِنْ أَرْضِنَا، واجْتَمَعْتْ إليه ثَقِيفٌ مَعَهُم الحِجَارَةُ لِيَقْتُلُوه، فقَالَ لَهُم مَسْعُودٌ: لا تَقْتُلُوه فإنَّا نَخَافُ التِّبَاعَةَ