مدينة ثمانين ببلاد الجزيرة والموصل، وقد تقدّم ذكرها. وأوصى بيصر إلى الكبير من ولده، (وهو مصرايم) «1» فتملّك من أسوان إلى العريش طولا «2» والعريش آخر أرض مصر والفرق بينها وبين الشام، ومن أيلة- وهي بتخوم الحجاز- إلى برقة عرضا، (وهي آخر أرض) «3» مصر. ويقال إنّ هذا الحدّ جزء من ستّين «4» جزءا من أرض السودان، وأرض السودان جزء من ستّين جزءا من معمورة الأرض. وأوصى مصرايم «5» إلى الأكبر من ولده وهو قفط «6» ، ومن ولده جميع القبط. وقد دخل في أنسابهم غيرهم من ولد مصريم.
870 ولم يزل الملك فيهم إلى أن ملك أمرهم النساء فدخلهم الحرم، فسار إليهم من الشام ملك من ملوك العماليق يقال له الوليد بن دومع، فغلب على الملك فانقادوا إليه. (ثمّ ملك بعده الرّيّان ابنه وهو فرعون يوسف، ثمّ ملك بعده دارم «7» بن الرّيّان، ثمّ كامس بن معدان العملاقي) «8» ، ثمّ الوليد بن مصعب، وهو «9» فرعون موسى. وقد تنوزع فيه فمنهم من رأى أنّه من العماليق، وقال بعضهم: هو من لخم من بلاد الشام، ومنهم من رأى أنّه من الأقباط. وقال المسعودي: سألت جماعة من أقباط مصر والصعيد عن معنى فرعون وتفسيره فلم أجد أحدا يعرفه «10» ، والّذي أراه «11» - والله أعلم- أنّه كان سمة (لملوكهم بتلك الأمصار) «12» . فلمّا هلك غرقا ومن معه ملّك أهل مصر ممّن بقي فيها من الذراري والنساء والعبيد «13» والشيوخ والزّمنى امرأة ذات حزم ورأي وأصالة وعلم يقال لها دلوكة لم ينسبها أحد.
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: دلوكة ابنة ريّان. فبنت على بلاد مصر