كانت وحيدة تقريبا أما في عهد ملوك الطوائف فلقد نشأت العديد من هذه المراكز وكان كل أمير ينافس أجواره وأعداءه ليجلب الى بلاطه الشعراء والأدباء والعلماء من مختلف الاختصاصات، يمكن أن نذكر من هذه الحواضر اشبيلية والمرية وباجة ومالقة وغرناطة فضلا عن طليطلة وسرقسطة قبل احتلالهما من قبل المسيحيين. انها الفترة التي لمع فيها أبرز اعلام الثقافة الأندلسية من أمثال ابن حزم وابن حيان وابن بسام وكثير من الأعلام الآخرين الذين نعرف على الأقلّ اسماءهم إن لم نعرف آثارهم التي اغتالتها عواصف التاريخ.
إنّ البكري ينتمي الى هذه الفترة ويساهم كما سنرى في مظهريها: مظهر الانحطاط السياسي ومظهر الازدهار الثقافي. نعم إنّ آثاره ستولد وستنمو في هذه الفترة المتميزة اكثر من غيرها بالاضطراب وسيواصل البكري سنّة المدرسة الجغرافية العربية بعد اندثارها في المشرق وسيبقى دائما من أكبر أعلام الثقافة الأندلسية وأبرز جغرافي المغرب الاسلامي رغم بعض سمات الانحطاط الموجودة في آثاره.
«1» هو عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب بن عمرو البكري المشهور خاصة بكنيته: «أبو عبيد» ولد بلبلة «2» من عائلة عربية يرجع أصلها الى قبيلة بكر وائل تولى الكثير من أفرادها مناصب رسمية بالأندلس ولكن لا نعرف شيئا يذكر عن أوائل هذه العائلة ولا عن الفترة التي استقرت فيها بالأندلس.
وأول بكري حفظ لنا التاريخ اسمه هو أحد أجداد أبي عبيد ويسمى أيوب بن عمرو البكري «3» تولى في الربع الأخير من القرن 4 هـ/ 10 م منصب القضاء ببلده ثم