بحفظ كتب كادت تتلاشى تماما لولا تلك الطريقة ونذكر هنا مثال ابراهيم بن يعقوب الطرطوشي. أما الناحية السلبية فتتمثل في انعدام الطرافة فأغلب نصّ المسالك الحالي معروف من مصادر أخرى ونجد غالبه في طبعات المسعودي وابن رسته وابن عبد الحكم والطبري ...

وينتج عن المنهج النقلي عيب آخر: فلقد تمنّى لفي بروفنصال في المقال الذي خصصه للبكري في دائرة المعارف الاسلامية «1» لو يقع القيام بدراسة لغته حتّى تستخرج جدولا للألفاظ المستعملة والتي فيها تأثير للغة الأندلسية. ونحن لا نعتقد ان مثل هذه الدراسة يمكن أن تؤدي الى نتائج ايجابية اذ من المحتمل أن نجد تلك التأثيرات عندما يستعمل المؤلف مصادر أندلسية الا أنها تبقى لغة المصادر لا لغة البكري وان ملاحظات المؤلف الخاصة من الندرة بحيث يعسر استخلاص نتائج مقنعة.

ويصرح البكري في الغالب بالمصادر التي يستعملها الى حدّ أنه من الميسور اعداد قائمة في مؤلفيه المفضلين والدراسة المدققة للمسالك تبين لنا منهجه في استعمال مصادره: انه في بعض الأحيان يذكرها حرفيا ويستشهد حتّى بالصفحات العديدة لكنه في الغالب يحوصلها ويمزج بينها فيخرج منها نص مؤلف تأليفا جديدا ويسبب هذا المنهج بعض المشاكل لدى تحقيق النص سنلمح اليها من بعد.

ومن المفروغ منه أن تنوع المواضيع المطروقة وكثرة البلاد الموصوفة تجعل الناقل يتخلّى مؤقتا عن هذا المصدر أو ذاك وقد يرجع اليه من بعد. وبعض المصادر مستغلة استغلالا مطولا وبعضها مقتبس منها اقتباسات متواضعة تحوم حول مواضيع محددة ومن المستحيل تفصيل القول في هذا الموضوع في اطار هذه المقدمة ويعسر ذكر المصدر بالنسبة إلى كل فصل وكلّ فقرة فنكتفي اذن بذكر الخطوط العامة.

إن لكتاب المسالك خصائص مميزة تجعل المعلومات الجغرافية دائمة الامتزاج بالمعلومات ذات الصبغة التاريخية لذا ارتأينا أن نعرض المصادر الجغرافية منفصلة عن المصادر التاريخية رغم ان خصائص هذه التآليف التي نجد فيها مواضيع متنافرة لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015