وحلفاء، وغير ذلك مما ينتفع به أهل شيراز، وهي في كورة اصطخر متاخمة للزرقان من رستاق هراة.
صفة معظم المدن فى مقاديرها وأبنيتها ونحو ذلك: أما اصطخر فهى مدينة وسطة وسعتها مقدار ميل، وهى من أقدم مدن فارس وأشهرها، وبها كان مسكن ملوك «1» فارس، حتى حوّل أردشير الملك إلى جور، ويروى فى الأخبار أن سليمان بن داود عليه السلام كان يسير من طبريّة إليها من غدوة إلى عشية، وبها مسجد يعرف بمسجد سليمان، ويزعم قوم من عوام الفرس الذين لا يرجعون إلى تحقيق- أن جم الذي كان قبل الضحّاك هو سليمان، وكان في قديم الأيام على اصطخر سور قد تهدّم، وبناؤهم من الطين والحجارة والجصّ على قدر يسار البانى، وقنطرة خراسان خارج من المدينة على بابها مما يلى خراسان، إلا أن وراء القنطرة أبنية ومساكن ليست بقديمة. وأما سابور فإنها مدينة بناها سابور الملك، وهى فى السعة نحو من اصطخر إلا أنها أعمر وأجمع للبناء «2» وأيسر أهلا، وبناؤها نحو بناء اصطخر، وبها وباصطخر وباء، إلا أن خارج المدينة صحيح الهواء؛ وأما دارابجرد فإنها من بناء دارا، ولذلك سميت دارابجرد، وتفسيرها عمل دارا، وعليها سور عامر جديد «3» مثل سور جور، وعليها خندق تتولد المياه فيه من النزّ والعيون، وفى هذا الماء حشائش، إن دخله إنسان أو دابّة التفّت عليه، فلا يتهيأ له عبوره، ولا يكاد يسلم إلا على شدة، ولها أربعة أبواب، وفى وسط المدينة جبل حجارة كأنّه قبة، ليس له اتصال بشىء من الجبال، وبنيانهم من طين، وليس بها فى زماننا كثير من أثر العجم، وأما جور فإنها من بناء أردشير، ويقال إن مكانها كان ماء واقفا كالبحيرة، فنذر أردشير أن يبنى مدينة على المكان الذي يظفر فيه بعدوّه، ويبتنى فيها بيت نار، فظفر هناك فاحتال فى إزالة ماء ذلك المكان بما فتح من مجارية، فبنى بذلك المكان جور، وهى قريبة فى السعة من اصطخر وسابور ودارابجرد، وعليها سور عامر من طين وخندق، ولها أربعة أبواب: باب مما يلى المشرق يسمى باب مهر، ومما يلى المغرب باب بهرام، ومما يلى الشمال باب هرمز، ومما يلى الجنوب باب أردشير، وفى وسط المدينة بناء مثل الدكة يسمى الطّربال، ويعرف بلسان الفرس بأيوان، وكياخرّة وهو بناء بناه أردشير، ويقال إنه كان من الارتفاع بحيث يشرف منه الإنسان على المدينة جميعها «4» ورساتيقها، وبنى أعلاه بيت نار، واستنبط بحذائه من جبل ماء حتى أصعده إلى أعلى هذا الطربال كالفوّارة، ثم ينزل فى مجرى آخر، وهو بناء من جصّ وحجارة، وقد استعمل الناس أكثره وخرب، حتى لم يبق منه شىء «5» إلا اليسير، وفى المدينة مياه جارية، وهى مدينة نزهة جدا، يسير الرجل منها من كل باب نحوا من فرسخ فى بساتين وقصور. فأما مدينة شيراز فإنها مدينة إسلامية ليست بقديمة،