وأمّا بحر الروم فإنه خليج من البحر المحيط بين الأندلس وبين البصرة «1» من بلاد طنجة، وبين طنجة وبين جزيرة جبل طارق من أرض الأندلس عرضه اثنا عشر ميلا «2» ، ثم يتسع ويعرض فيمتد على سواحل المغرب فيما يلى شرقى هذا البحر، حتى ينتهى إلى أرض مصر ويمتد على أراضى مصر حتى ينتهى إلى أرض الشام ممتدا عليها، ثم يعطف بناحية الثغور فيدور على بلد الروم من أنطاكية وما قاربها، ثم يصير غربىّ البحر إلى خليج القسطنطينية ويعبره، ثم يمتد على سواحل أثيناس، ثم على سواحل رومية ثم يمتد على قرب إفرنجة فيصير «3» البحر حينئذ جنوبيا، ويكون على ساحله افرنجه، إلى أن يتصل بطرطوشة من بلاد الأندلس، ويمتد على البلاد التى وصفناها فى صفة الأندلس، حتى يحاذى البصرة «4» بجزيرة جبل طارق، ثم يمتد على البحر المحيط إلى شنترين، وهى آخر بلاد الإسلام على هذا البحر من جانب بلد الروم، فلو أن رجلا سار من البصرة على السواحل حتى يعود إلى ما يحاذيه من أرض الأندلس، لا يحتاج إلى أن يعبر نهرا أو خليجا أمكنه.
وقد «5» ذكرت ما على هذا البحر من المدن والبقاع، من السوس الأقصى إلى أن ينتهى إلى أرض مصر وإلى آخر الشام، من الثغور إلى أولاس وما يحيط به من بلد الأندلس، ما يغنى عن إعادته. فإذا جزت أولاس دخلت «6» جبالا تنتهى إلى بحر الروم يقال لها قلمية، وقلمية مدينة كانت للروم، وبعض أبواب طرسوس يسمى باب قلمية ينسب إليها، وقلمية ليست على البحر ولا على شط هذا البحر، وإذا جزت هذا الموضع بنحو من مرحلة مكان يعرف باللّامس قرية على شط البحر، فيه يكون الفداء بين المسلمين والروم، يكون الروم فى البحر فى السفن والمسلمون فى البر فيتفادون، وأنطاكية حصن للروم على شط البحر، منيع واسع الرستاق كثير الأهل، ثم ينتهى إلى شط الخليج، وهو خليج مالح يعرف بخليج القسطنطينية، وعليه سلسلة ممتدة لا تعبر فيه سفن البحر ولا غيرها إلا بإذن، مثل المأصر «7» ، ويقع فى بحر الروم من البحر المحيط من وراء الروم؛ وسواحل أثيناس ورومية ذات