كل واحد منهما أربعمائة ذراع «1» ، وعرضه أربعمائة ذراع، وطوله أربعمائة ذراع، وهو فى صورة العمارة «2» مربع الأسفل، ثم لا يزال يرتفع ويضيق حتى يصير أعلاه نحو مبرك جمل، وملئت بنيانه بكتابة يونانية «3» ، وفى داخله طريق يسير فيه الناس رجّالة إلى قريب أعلاه، وفى هذين الهرمين طريق فى باطن الأرض مخترق، وأصحّ ما سمعت فى الأهرام أنها قبور الملوك الذين كانوا بتلك الأرض.
وعرض العمارة على النيل من حدّ أسوان ما بين نصف يوم إلى يوم إلى أن تنتهى إلى الفسطاط، ثم تعرض فيصير عرضها من حدّ الإسكندرية إلى الخوف، الذي يتصل بمفازة القلزم- نحو ثمانية أيام، وما فى العرض من أرض مصر قفار.
وأما الواحات فإنّها بلاد كانت معمورة بالمياه والأشجار والقرى والناس، فلم يبق فيها ديّار، وبها إلى يومنا هذا ثمار كثيرة وغنم قد توحّشت فهى تتوالد، والواحات من صعيد مصر إليها فى حدّ الجنوب نحو ثلاثة أيام فى مفازة، وتتصل الواحات بالنوبة ببريّة فتنتهى إلى أرض السودان.
وبأرض مصر بحيرة يفيض فيها ماء النيل، تتصل ببحر الروم تعرف ببحيرة تنّيس «4» ، إذا امتدّ النيل فى الصيف عذب ماؤها، وإذا نقص فى الشتاء إلى أوان الحرّ غلب ماء البحر عليها فملح ماؤها، وفيها مدن مثل الجزائر تطيف البحيرة بها، فلا طريق إليها إلا فى السفن، فمن مشاهير تلك المدن تنّيس ودمياط، وهما مدينتان لا زرع بهما ولا ضرع، وبهما يتخذ المرتفع من ثياب مصر، وهذه البحيرة قليلة العمق «5» ، يسار فى أكثرها.
بالمرادى، وبها سمكة تسمى الدلفين فى خلقة الزق المنفوخ، وسمكة إذا أكلها الإنسان رأى منامات هائلة، ومن حدّ هذه البحيرة إلى حدّ الشام أرض كلها رمال متصلة حسنة اللون تسمى الجفار، بها نخيل ومنازل ومياه مفترشة غير متصلة، ويتصل حدّ الجفار ببحر الروم، وحدّ بالتّيه، وحدّ بأراضى فلسطين من الشام، وحدّ ببحيرة تنّيس وما اتصل به من ريف مصر إلى حدود القلزم، وأما تيه بنى اسرائيل فيقال إن طوله نحو من أربعين فرسخا، وعرضه قريب من طوله، وهى أرض فيها رمال وأرض صلبة «6» ، وبها نخيل وعيون مفترشة قليلة، يتصل حدّ له بالجفار، وحدّ بجبل طور سينا وما اتصل به، وحدّ بإزاء «7» بيت المقدس وما اتصل به من فلسطين، وحدّ له ينتهى إلى مفازة فى ظهر ريف مصر إلى حدّ القلزم.
وأما الأشمونين فإنها مدينة صغيرة عامرة، ذات نخيل وزروع، ويرتفع من الأشمونين ثياب كثيرة،