الشهرة، لا يحتفل به إلا العارفون لفضله مثل ياقوت الحموى، الذي ينقل عنه فى كتابه معجم البلدان.
وكتاب الاصطخرى نشر أول ما نشر- فى عصرنا الحديث- مختصرا فى نسخة بالزنكوغراف، عن نسخة مخطوطة سنة 690 هـ، نقلها الدكتور مولر (عز وجلr.J.H.Moeller) فى سنة 1839 م، ووضع لها مقدمة باللاتينية، ثم نشره دى جويه المستشرق المشهور من خمس مخطوطات رمز لها.صلى الله عليه وسلم.رضي الله عنه.C.عز وجل.صلى الله عليه وسلم وذلك سنة 1870 م، وظل الكتاب رغم مرور هذا الزمن الطويل ورغم ما فيه من زلات لا يفكر أحد فى إعادة طبعه، ظل الأمر كذلك حتى نشطت لهذا الأمر إدارة الثقافة العامة.
وهذه النسخة التى أقدمها هى ثمرة المراجعة على مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية برقم 199 جغرافيا، وعلى مصورتين لمخطوطتين محفوظتين بدار الكتب المصرية، إحداهما برقم 256 جغرافيا والأخرى نسخت سنة 878 هـ برقم 257 جغرافيا، ولقد رمزت للأولى بحرف (ا) وللثانية بحرف (ب) وللثالثة بحرف (ج) ، كما رمزت لنسخة دى جويه المنشورة بحرف (م) للتمييز بين المخطوط وبين المطبوع.
والمخطوط اقد كانت فى حوزة المرحوم على باشا مبارك، وأهديت لدار الكتب المصرية، وهى مكتوبة على ورق ثقيل من القطع الكبير وبخط نسخ، وعلى كل صفحتين متقابلتين مكتوب (وقف الأتابك) وهى ناقصة مع الأسف الشديد، ونبهت على هذا النقص فى موضعه، كما أن بها تمزيقا وخروقا وترقيعا، وناسخها غير معروف وتاريخ نسخها غير معروف أيضا، ولكنها ليست أحدث من المخطوطة ج بأية حال من الأحوال لتشابه الخط، ويمتاز ناسخها بخصلة فريدة هى أنه كثيرا ما يجعل للباء أو التاء التى فى أول الكلمة رأسا مستغنيا بها عن النقط، كما أنه يمتاز بوضع فواصل بعد كل جزء من الحديث كامل، وهذه المخطوطة- بعد ذلك- قريبة الشبه بمخطوطة دى جويه المرموز لها بحرف، C أما المصورتان ب، ج فتشبهان صلى الله عليه وسلم.رضي الله عنه. من مخطوطات دى جويه، والملاحظ أن إحدى هاتين المخطوطتين منقولة عن الأخرى، أو على الأقل كلتاهما مأخوذتان عن نسخة واحدة.
والنظرة الفاحصة للمخطوطات جميعا يستدل منها على أنها ترجع إلى أصول ثلاثة، فالمخطوطة ا C ترجعان إلى أصل واحد رغم ما بينهما من اختلاف، والمخطوطات ب ج صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه ترجع إلى أصل واحد، أما عز وجل فهى ترجع إلى أصل، وهذا الاختلاف هو ثمرة الرغبة فى إرضاء القارئ، ولقد حاولت جهدى أن أصل إلى نص الاصطخرى مستعينا بالمخطوطات على ضوء كتاب ابن حوقل، لأنه كما ذكرنا يكاد يكون صورة أخرى لكتاب الاصطخرى.
أما بعد فهذا كتاب الاصطخرى فى صورته الجديدة، أرجو أن أكون قد أديت واجبى نحوه، فإن جاء محققا للغرض من إعادة نشره شكرت ربى على التوفيق وإلهام الصواب، وإن كانت الأخرى فالخير ابتغيت، والله يهدى من يشاء
القاهرة فى فبراير سنة 1958 دكتور محمد جابر الحسينى