طبرستان الماء؛ والغياض غالب بها إلا فى الأماكن الجبلية «1» ؛ وأما بطن طبرستان فالغالب عليها الندى والنزوز.
وأما جرجان فأكبر مدنها «2» جرجان، وهى أكبر من آمل، وبناؤها «3» من طين، وهى أيبس تربة من آمل؛ وأقل مطرا وأنداء من طبرستان، وأهلها أحسن وقارا ومروّة ويسارا فى كبرائهم، وهى قطعتان إحداهما المدينة والأخرى بكراباذ، بينهما نهر يجرى كبير يحتمل أن تجرى فيه السفن «4» ، ويرتفع منها من الابريسم شىء كثير «5» ، وابريسم طبرستان يحمل بزر دوده من جرجان، ولا يرتفع من طبرستان بزر ابريسم «6» ، ولهم مياه كثيرة وضياع عريضة، وليس فى المشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا على مقدارها من جرجان «7» ، وذلك أن بها الثلج والنخيل، وبها فواكه الصرود والجروم من التين والزيتون وسائر الفواكه «8» ، وأهلها أصحاب مروّة يتبارون فى المروّات، ويأخذون أنفسهم بالتأنى والأخلاق المحمودة، وقد خرج منهم رجال كثيرون موصوفون بالسّرو «9» ، منهم العمركى صاحب المأمون. ونقودهم ونقود طبرستان الدنانير والدراهم، وأوزانهم المنا سمّائة درهم، وكذلك بالرىّ وطبرستان «10» ، وقومس «11» مناها ثلاثمائة درهم.
وأستراباذ يرتفع منها ابريسم كثير «12» ؛ ولهم فرضة على البحر يركبون منها إلى الخزر وإلى باب الأبواب والجيل والديلم «13» وغير ذلك، وليس فى هذه الناحية التى ذكرتها فرضة أجلّ من أبسكون، ولهم ثغر- يعرف برباط دهستان وبها منبر، وهو ثغر للغزّية الأتراك، ويتصل حدّ جرجان بالمفازة التى تلى خوارزم، ومنها تجيئهم الأتراك «14» .