ولا بحور إلا بحر فارس، إلا أن خليجا من بحر فارس يخترق إلى هرموز يسمى الجير، فتدخل فيه السفن من البحر وهو مالح، وفى أضعاف مدن كرمان مفاوز كثيرة، وليس اتصال عماراتها مثل اتصال عمارات فارس؛ وجبال القفص هى جبال جنوبيّها البحر، وشماليّها حدود جيرفت والرّوذبار وقوهستان أبى غانم، وشرقيها الأخواش ومفازة بين القفص ومكران، وغربيّها البلوص «1» وحدود المنوجان ونواحى هرموز، ويقال إنها سبعة أجبل، وبها نخيل كثير وخصب من زرع وضرع، وهى جبال منيعة، ولكل جبل رئيس، وهم ممتنعون، وللسلطان عليهم جراية يستكفهم بها، وهم مع ذلك يقطعون الطريق فى عامة كرمان إلى مفازة سجستان وإلى حدّ فارس، وهم رجّالة لا دوّاب لهم، والغالب على خلقتهم النحافة والسمرة وتمام الخلق، ويزعمون أنهم من العرب وتوصف بلادهم «2» أن بها من الأموال المجموعة والذخائر ما يكثر عن الوصف؛ وأما البلوص فهم فى سفح جبل القفص، ولا يخاف القفص من أحد إلا من البلوص، وهم أصحاب نعم وبيوت شعر مثل البادية، ولا يقطعون الطريق ولا يتأذى بهم أحد؛ وأما جبال البارز فإنها جبال خصبة، فيها أشجار بلد الصرود، وتقع فيها الثلوج، وهى جبال منيعة، وأهلها لا يتأذى بهم أحد، ولم يزل أهلها على المجوسية أيام بنى أمية كلها لا يقدر عليهم، وكانوا شرا من القفص، فلما ولى الأمر بنو العباس أسلموا، وكانوا مع ذلك فى منعة شديدة إلى أيام السجزية، فأخذ يعقوب وعمرو ابنا الليث رؤوسهم وملوكهم وأخلوا تلك الجبال من عيالهم، وهى أخصب من جبال القفص وبها معادن حديد؛ وأما جبال المعادن فهى جبال بها فضة، وتمتد من ظهر جيرفت على شعب يعرف بدرباى إلى جبل الفضة مرحلتين، ودرباى «3» هذه شعب خصب عامر بالبساتين والقرى نزه جدا. وجروم كرمان أكثر من صرودها، ولعل صرودها نحو الربع، وهى مما يلى الشيرجان فيما حواليها إلى جهة فارس والمفازة وإلى ما يلى بمّ، والجروم فيها من حدّ هرموز إلى حدّ مكران وحد فارس وحدّ الشيرجان، فيقع فى أضعافها هرموز والمنوجان وجيرفت وجبال القفص ودشت رويست وبشت خمّ، وما فى أضعاف ذلك من المدن والرساتيق «4» ، وكذلك بمّ وما فى أضعافها إلى المفازة، وإلى حدّ مكران وإلى خبيص؛ والغالب على أهل كرمان نحافة الجسم والسمرة لغلبة الحرّ، وليس بعد جيرفت وبمّ مما يلى المشرق شىء من الصرود، ومما يلى المغرب من جيرفت صرود، تقع فيها الثلوج ما بين جبل الفضة إلى درباى، إلى أن تشرف على جيرفت، وكذلك فى وجه جبل بارز، وبقرب جيرفت موضع يعرف بالميجان «5» ، وعامة فواكه جيرفت والحطب والثلوج تحمل إليها من ميجان ودرباى، ويخترقها نهر يعرف بديوروذ «6» ، شديد الجرى له وجبة «7» وخرير شديد، يجرى بالصخور ولا يستطع أحد أن ينزله، إلا متوقيا على رجليه من تلك الحجارة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015