القولِ، وزجرًا عما جاء بعد من تكليف العمل.
السّادسة:
فيه: دليلٌ على الزَّجْر عن الدَّوام على الأعمال، فإنّ العبدَ خُلِقَ خَلْقًا ضعيفًا عاجِزًا, ولأجل ذلك كره له التّعاطي.
السّابعة:
قال علماؤنا: وفيه الحضّ على الاقتصاد بني أصل العمل كما بالدّوامِ، وهو قوله: "اكلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا لَكُم بِهِ طَاقةٌ".
قيل: إنّ في هذا إسقاط التكليف فيما لا يُطَاق.
وقيل: هو كلُّ فعلٍ وطاعةٍ كلَّفها الله لعباده.
وقال أبو المعالي إمام الحرمين (?): كلُّ تكليفٍ في الشّريعة فإنّه تكليفُ ما لا يُطَاق حقيقةً؛ لأنّ المكلَّفَ مأمورٌ بالقيام في حال القعود، والقُدْرةُ معدومة حينئذٍ، إذ الاستطاعة مع الفعل، فإن أعان تعالى على ما أَمَرَ به، وخَلَقَ القُدْرةَ، ويَسَّرَ الفعلَ، كان الامتثال ووجبَ الجزاء. وإن لم يخلق القُدْرَةَ، ولا يَسَّرَ الفعلَ، كان العجز ووقع التّعزير وتعيَّنَ العقاب؛ فإنّ الأمر كلّه لله، وبيان ذلك في "كتاب الأصول".
الثامنة:
قوله: "اكلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا لَكمْ بهِ طَاقَةٌ"، قال أهل العربية: اكلَفُوا بفتح اللّام، يقال كلِف الرَّجُلُ- بكسر-، العين يَكْلَفُ -بفتحها-: إذا بالغَ في الشَّيءِ.
التّاسعة: قوله: "فَإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتى تَمَلُّوا"
قال الإمام: قوله: "فَإنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ" عبارة عن التَّرك لأنّه فائدته؛ لأنّ العرب تعبِّر في المجاز عن الشَّيء بجنسه وفائدته، كما تُعبِّر بسببه، وهو أحد قِسمَي المجاز كما بينّاه (?).