اللُّغة:
قال بعضُ علمائنا: الجمعة مأخوذةٌ من الجمع، كأنّه أشار فيه إلى أحدِ وجهين:
أحدهما: أنّه جمع فيه آدم من جميع أديم الأرض، من أحمرها، وأبيضها وأسودها، ومن جميع أنواعها.
الوجه الثّاني: أنّ الله تعالى يُقيمُ فيه السّاعة، ويجمع فيه الخلائق. وتعلّقه بالاشتقاق ليس بالقَوِيِّ، ولابدّ في هذا الباب من ثلاث مقدِّمات في صدر هذا الكتاب.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} (?) الآية، وهذا ظاهرٌ في أنّ الخطّاب بالجمعة المؤمنون (?) بهذه الآية دون الكفّار. وقد بيَّنَّاه أنّ الكفَّارَ مخاطَبُونَ بفروع الشّريعة وأصولها (?)، وإنّما خصَّ المؤمنون دون الكفار بهذه الآية، تشريفًا لهم بالجمعة وتخصيصًا لهم دون غيرهم، للحديث: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ قَبْلَنَا، ثُمَّ هَذَا يَومُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللهُ لَهُ، وَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ. الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصاَرَى بَعْدَ غَدٍ" (?).
وقال بعض علمائنا: هذا الحديث أصلٌ في وجوبِ الجمعة أنّها فرضٌ على الأعيان. وَقَدْ وَهِمَ بعضُ العلماءِ في هذا، فقال: هي فرضٌ على الكفاية. وهي