المسألة الثّانية:
قال مالكٌ وابنُ القاسم: إنّ مَنْ سلَّم من اثنتين، وفعل (?) كما فعل النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - يوم ذِي اليَدَينِ، تَمَّتْ صلاتُه.
وقال ابن كنانة ووافَقَهُ أبو حنيفة: إنّه لا يصحّ ذلك؛ لأنّ زمان الرّسول عليه السّلام يصحّ فيه النَّسخ بخلاف هذا الزّمان.
وقال داود: لا يجوز هذا اليوم إلَّا فيمن سَلَّم من ركعتين (?)، فقاس على هذه الصّلاة مع إنكاره القياس.
ووجه قول ابن كنانة في أنّه لا يجوز إلَّا في ذلك الزّمن: أنّ هذا إنّما كان بعد أنّ جاء مشركو قريش أو العرب فسلَّمُوا عليه وهو في الصّلاة، فلم يردّ حتّى سَلَّمَ، وقال: "إنّ اللهَ يُحْدثُ مِن أمْرِهِ ما شَاءَ" (?) يريد: أنّ الله قد حرَّمَ علينا الكلام في الصّلاة، وكانت قصّة ذي اليدين في الصّلاة بعد ذلك.
ووجه قول ابن القاسم: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - فَعَلَ ذلك وجرى حكمه، فمن ادَّعى غيره فعليه الدّليل.
المسألة الثّالثة (?):
اتّفق العلماء أنّها كانت صلاة رُبَاعيّة، واختلفوا في تعيينها، فالصّحيحُ أنّها العصر، وكانت في المسجد، وذلك يقتضي الحَضر. فقال له ذو اليدين -واسمه الخرباق-: "أَقَصَرْتَ الصَّلاةَ أَمْ نَسِيتَ؟ " إنكارًا لفعله، مع أنَّه يشرِّعُ الشَّرائع وعنه تُؤْخَذُ، إلَّا أنَّه جَوَّزَ عليه النِّسيانَ لقوله: "أَوْ نَسِيتَ" وجوَّزَ أنّ يكون حَدَثَ فيها تقصيرٌ، فطُلِبَ منه بيان ذلك، فقال النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَينِ" فرجع إلى اليقين.