لفاتحة الكتاب؛ لأنّ الذّاتيّة في الكُلِّ واحدةٌ وهي كلامُ الله (?).
الوجه الثّاني: أنّ الشيءَ قد يشرُفُ بصفاته، وذلك للبارىء على الحقيقة (?) والإطلاق دون سائر المخلوقات: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (?) وفي الفاتحة شيءٌ من هذا الشَّرَفِ، وبه شرف النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - على سائر الآدميِّينَ؛ لأنّ الذَّاتَ له ولهم واحدةٌ، وإنمّا يشرفُ بالصّفات وهي متعدّدةٌ وقعتِ الإشارةُ إلى فَضْلِهَا في قوله: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الآية (?)، ووقعَ التّنبيه على جميعها في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (?).
وفي الفاتحة من الصّفات ما ليس لغيرها، حتّى قيل: إنّ جميع القرآن فيها، وهي خمسة وعشرون (?) كلمة تضمَّنَت جميع علوم القرآن، ومن شَرَفِهَا أنّ الله تعالى قسمها بَينَهُ وبين عَبْدِهِ، وهو الوجه الثّالث.
الوجه الرّابع: أنّه لا تَصِحُّ القراءة (?) إلَّا بها.
الخامس: أنّه لا يلحق ثوابُ عملِ بثوابها (?)، والله عَزَّ وَجَلَّ يفاضلُ بين الثّواب في الفِعْلَينِ وإن اسْتَوَيَا.
وبهذه المعاني كلّها صارت القرآنَ العظيم، كما صارت {قُلْ هوَ اَلله أحدٌ} تعدل ثُلُث القرآن (?)، إذِ القرآنُ توحيدٌ وأحكامٌ وَوَعْظٌ و {قُلْ هوَ اَلله أحدٌ} (?) فيها التوحيد كلّه. وبهذه المعاني وقع البيان في قوله - صلّى الله عليه وسلم - لأبَّىِّ بن كعبٍ: " أيُّ آيةِ في القرآنِ