بِالنِّيَّاتِ" (?)، وأشرف الأعمال الصّلاة، هي أوّلها، وهي مراده بمعنى هذا الحديث فيها. والأصلُ في كلِّ نيّة أنّ يكون عَقْدُها مع التَلَبُّس بالفعل (?)، وقد رخّصَ في تقديمها في الصّوم لعظمٍ في اقترانها بأوّله (?). ووقع لعلمائنا مسامحةٌ في تقديمها على الوُضوء، فيمن يخرج يقصدُ النّهر للطّهارة، فعزَبَتْ نِيّتُه قبل البلوغ إليه؛ أنّه يجزئه، وحمل الجُهَّال الصّلاة عليه (?)، وإنّما كان ذلك في الطّهارة لاختلاف العلماء في افتقارها إلى النّية، بخلاف الصّلاة، فإن افتقارها إلى النّيّة مُجْمَعٌ عليه، فلا يجوز ردّ الأصل المتَّفَقِ عليه إلى الفرعِ المُختَلَفِ فيه. *قال لنا أبو الحسن القزوينيُّ بثغر عسقلان* (?): سمعتُ إمام الحرَمَين يقول: يُحضِرُ الإنسانُ عند التَلَبُّسِ بالصّلاة النِّية، ويجدِّد النَّظَرَ في الصّانع، وحَدَثِ العَالَمِ، والنُّبوَّاتِ، حتَّى ينتهي نَظَرُه إلى نيّة (?) الصّلاة قال: ولا يحتاج ذلك إلى زَمَنٍ طويلِ، وإنمّا يكون في أَوْجَزِ لَحْظَةٍ؛ لأنّ تعليم الجمال (?) يفتقرُ إلى زمانٍ طويلٍ، وتذكارُها يكون في لحظة.

ومن تمام النّية أنّ تكون منسحبة على الصّلاة كلَّها، إلَّا أنّ ذلك لما كان أمرًا يَتَعذَّرُ، سمَحَ الشّرعُ في عُزُوب النِّية في أثنائها. وسمعت شيخنا الفهري بالمسجد الأقصى يقول: قال محمد بن سحنون (?): رأيتُ أبي سحنونًا ربمّا يكمل الصّلاة ثم يعيدُها، فقلت له: ما هذا يا أبت؟ فقال: عَزَبَت نِيَّتِي في أثنائها، فلأجل ذلك أَعَدْتُها. وسيأتي تمامُ القوِلِ فيه في باب: "النَّظَرِ في الصَّلاةِ إلى ما يشغلك عنها" إنّ شاء الله.

وأمّا الأفعال فهي أربعة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015