إمّا أنّه لم يصله.
وإمّا في طريقه من لا يأمنه ولا يثقه.
شرحه وعربيتّه (?):
قال الإمام الحافظ: يُرْوَى بكسر الهمزة وفتحها (?)، فإذا فُتِحَت كان جمع عُنُق، يريد: تطُول أعناقهم على الحقيقة، وأنّهم يزيدون (?) على الخَلْقِ بطُولِ الأعناق حتّى يظهر أمرهم وفَخْرهم، كما علوا عليهم في الدُّنيا في المنارات. أو يريد أنّهم آمِنون لا يخافون، فهم لا يتطأطئون ولا يستحذون (?)، وهو مجاز حَسَنٌ. وإن كَسَرَ الهمزة يريد به: العَنَق، ضرْبًا من السَّير، يعني: سرعتهم إلى الجنّة قبل غيرهم. وقيل "أطول النّاس أعناقًا" قيل: هم أعظم النّاس تَشوُّفًا إلى رحمة الله (?).
حديث يحيى عن مالكٌ (?)، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إذا نُودِيَ للصّلاة أَدْبَرَ الشّيطانُ، له ضُرَاطٌ، حتَّى لا يَسْمَعَ النِّدا" فإذا قُضِيَ النِّداءُ أقبلَ، حتّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حتّى يَخْطِرَ بينَ المَرْءِ ونفسه ... " الحديث.
أصوله (?):
قال علماؤنا: هذا الحديث يحتمل الحقيقة والمجاز جميعًا. أمّا الحقيقة فليس يستحيل أنّ يكون للشّيطان حُصَاصٌ -وهو الضُّراط- لما بيَّنَّاه من قبلُ، وذكرنا أنَّه (?) جِسْمٌ من الاجسام مؤتلف من طعامٍ وشرابٍ، وفي بعض طُرُقِ الحديث: "إنَّ الشّيطان حسَّاسٌ" (?) أو"جَسّاس" أو"لحّاس" فلا يمتنَع أنّ يكون له حُصَاصٌ، لا سيّما وهو أذل له في الفرار وأبلغ لدخول الرُّعْبِ في قلبه، حتّى لا يملك نفسه من خوف ذِكْر الله.